هل تعبر استقالة ظريف عن عمق الأزمة الداخلية الإيرانية بين المتشددين والإصلاحيين وماذا عن دور الحرس الثوري؟
 

لطالما استشعر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مخاطر العقوبات الاقتصادية على إيران، فبذل جهوداً مضنية لعقد الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية خلال حكم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، واعتُبر الاتفاق حينها انتصاراً كبيراً للدبلوماسيّة الإيرانية، بعد فكّ عزلة إيران الدولية ورفع العقوبات الاقتصادية عنها.

إقرأ أيضًا: الأسلحة السويسرية الضائعة وصلاحيات رئيس الحكومة المضروبة

ما أشبه اليوم بالبارحة، فإيران تتعرض اليوم لعقوبات اقتصادية أقسى من تلك كانت مفروضة عليها قبل الاتفاق النووي، كما تتعرّض لهجمة جيو-سياسية أميركية لفرض تطويعها، وإخراجها من دائرة نفوذها المتمادي في المنطقة العربية، وفي حين يرى الوزير ظريف ضرورة تعزيز دور إيران الدبلوماسي في القارة الأوروبية، وإعطائه مزيداً من الفعالية في أحداث المنطقة العربية، إذ به يُفاجأ بمحاولات تخريب العلاقات الإيرانية-الأوروبية من خلال إعداد بعض الأعمال الارهابيّة في القارّة الأوروبية، ومن ثمّ استبعاده عن أجواء اللقاءات الإيرانية مع الرئيس السوري بشار الأسد، في ظلّ تشابك العلاقة الإيرانية - السورية مع الطموحات التّركية بإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، وتضاربها مع الأهداف الإستراتيجية للسياسة الروسيّة في منطقة الشرق الأوسط، والمتقاطعة في أكثر من نقطة مع الأهداف الإسرائيلية بإخراج إيران عسكريّاً وسياسياً من سوريا، ومتابعة الضغوط ضدّ حزب الله في سوريا ولبنان.

إقرأ أيضًا: ساطع نورالدين.. عون على خُطى السيسي أو بوتفليقة

كان من الطبيعي أن يضيق الوزير ظريف ذرعاً بالمتشدّدين الذين لا يُبالون بآلام الشعب الإيراني، وقساوة ظروفه المعيشية والاقتصادية، والذين لا يألون جهداً في تخريب "هندساته" الدبلوماسية، ليتقدّم باستقالته في خطوة تحذيريّة بوجه المرشد والحرس الثوري وسائر القوى المتطرّفة، رامياً كرة النار في ملعبهم، وكما كان مُتوقّعاً أن يرفض الرئيس روحاني خطوة ظريف هذه، ليتراجع بعدها ظريف خطوتين للوراء، ربما يساعده هذا في اندفاعة جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أوضاع إيران المأساوية هذه الأيام، أو ينتظم وفق إرادة المتطرفين بإنتظار القدر الذي لا يُدفع والحذر الذي لا ينفع.