من أين نبدأ؟ أمن الخبر الذي بات شبه يومي عن انتحار أو محاولات انتحار رجل هنا وامرأة هناك، أم من المشاهد المخجلة لمن يحاول بيع كليته ولمن يعرض فلذة كبده للبيع؟!

الارقام المخيفة التي تسجل حوادث الانتحار – وما خفي عن التسجيل كان أعظم – باتت تنذر بخطر كارثي. إلى أيّ دركٍ من الإسفاف والمأساة وصل المجتمع اللبناني اليوم، وماذا يخبئ لنا الزمن بعد؟

صحيحٌ أن أحوال البلد اليوم وصلت الى مرحلة غير مسبوقة من التأزّم والفوضى والفساد، وبات الفقر إحدى أبشع الآفات التي تنهش أجساد الفئة العظمى من اللبنانيين، لكن ذلك كله ليس مبرراً للانحدار الاخلاقي والوجداني والاجتماعيالذي بلغ قعر القعر.

هل انعدمت الحلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية؟

مخطئ من يظن ان الحل هو بالانتحار او باللجوء الى محاولة بيع جسده او عرض طفله للبيع. ذلك من شأنه أن يترك حتما اثرا لا يمحى في نفوس عائلته وأطفاله.

قد يكون الفقر من أبشع ما يعانيه المرء في حياته، ولكن، من قال إن الفقر مبرر للخنوع والتذلل والهوان؟!

ربما ليس من السهل التغلب على الفقر في لبنان، ولكن من يبحث عن طريقه يجده بالتعب والجهد والكدّ. وقد يجد الإنسان لقمة عيشه في عمل بسيط. مهما كان العمل متواضعا فهو ليس معيبا طالما كان شريفا، وطالما كان يغني صاحبه عن سؤال الناس.

أما المعيب فهو ان يتحول الفقر الى حجة واهية للتذلل وهوان النفس، فالاجدر ان يقف الانسان وأن لا ينحني، وأن يزرع في نفوس أبنائه الكرامة والاصرار والمثابرة، بدل ان يقبل على نفسه الشفقة والذل ويعرضهم للبيع في سوق النخاسة.

(أمل هواري)