فتح ملفات الخصوم حصرًا (بغض النظر عن صحتها أو عدمها) هذا يعني أمرًا واحدًا ألا وهو محاولة الحزب التنصل من وعوده ليس إلا
 

المؤكد أنه لم يغب عن بال حزب الله لحظة وهو الخبير جدًا بتكتيكات اللعبة السياسية اللبنانية، أن إقتحام الفساد والفاسدين من موقع الخلاف السياسي والمذهبي سيثير ردة فعل مقابلة على خلفية الدفاع عن الخط السياسي أو رجالات الطائفة، وهذا تمامًا ما حصل بعد المؤتمر الصحفي للنائب فضل الله إن لم نقل أن هذا هو الهدف أصلًا من المؤتمر.

 

لم يقتصر كلام فضل الله وهجومه "الموضوعي" على الرئيس السابق فؤاد السنيورة، وإتهامه ولو بالإشارة بـ "11 مليار دولار"، الاتهام القديم الجديد، بل تعمد إلى ذكر المؤسسات الحكومية التي تتبع حصرًا للفريق السياسي الآخر، غاضًا الطرف عن ذكر باقي الصناديق والمؤسسات بالرغم من شياع أخبار الفساد فيها، لغاية في نفس النائب، وهذا ما إستدرج الردود المتوقعة والتي وصلت إلى اعتبار أن النائب الشيعي يستهدف الزعامات السنية!! 

 

إقرأ أيضًا: كلمتان حول معاقبة نواف الموسوي

 

وإن كنا هنا نعتبر بأن الفساد والفاسدين لا دين لهم ولا طائفة ولا حتى حزب، إلا أننا نعرف جيدًا كما يعرف النائب الهمام أن الطائفية والمذهبية هي الحصن الحصين لمثل هؤلاء، وأن اللعب على هذا الوتر إنما يساهم في حمايتهم وليس في فضحهم أو محاسبتهم.

 

حزب الله الذي خاض الإنتخابات النيابية تحت شعار محاربة الفساد، قد ألزم نفسه بالسير قدما في هذا المضمار، ولو من باب رفع العتب أمام جمهوره على الأقل، وهو على يقين مسبق أن المضي قدمًا بهذا التوجه سوف يصطدم بمقربين وبأحزاب كانوا معه على نفس اللوائح! وسيخلق له مشاكل كبرى ليست هي من أولوياته. 

 

كان من الأجدى على حزب الله لو كان صادقًا بتوجهاته في محاربة الفساد، البدء بمحيطه أولًا، وبفتح الملفات التي تلامس حياة المواطنين اليومية (تلوث - بلديات - إسترداد المشاعات - الكهربا - التوظيف - المخدرات.. الخ) حتى يؤسس مسارًا صحيحًا يصل من خلاله إلى كبار القوم.

 

إقرأ أيضًا: إستقالة ظريف،،، صرخة في وجه الولي الفقيه

 

أما أن يفتح ملفات الخصوم (بغض النظر عن صحتها أو عدمها) فهذا يعني أمرًا واحدًا وهو محاولة الحزب التنصل من وعوده ليس إلا، وهذا ما نتلمسه من خلال مواقف عدة عبّر عنها بعد الإنتخابات تصب بهذه الخانة (التنصل) فمرة من خلال القول بالحاجة إلى تشريعات، ومن ثم القول بانتظار تشكل الحكومة، والقول أن الماضي لا يمكن فتح ملفاته، ومرة من خلال الحديث عن عدم تسمية اللصوص، وأخرى من خلال رمي الكرة عند القضاء المشكوك أصلًا بدوره.

 

كل هذا وغيره من محاولات التنصل، لم تأت أكُلها عند جمهوره وبقي الحزب يشعر بعبء المطالبة بما وعد به، فلم يجد بدا إلا بفتح النار على فؤاد السنيورة ومعه على المؤسسات السنية، للقول بعد ذلك لجمهوره (شفتو بس حزب الله بلش بدو يحارب الفساد، عملوها سني شيعي ... ونحن ما بدنا ناخد البلد على فتنة !!!) وعليه فمن غير المسموح بعد الآن مطالبتنا بما وعدناكم به.