لا بد من النظر بحذر وتخوّف لأي خطوة قد يمكن أن يقدم عليها الإسرائيليون، بالاستناد المتغيرات السريعة ما قد يترجم في لحظة جنون دافعة إلى تغيير التوازنات في المنطقة
 

شكلت استقالة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، والذي يعتبر بأنه دبلوماسي من الطراز الرفيع ومهندس الإتفاق النووي الإيراني، وأحد أبرز المتحمسين لإعادة صوغ بنود هذا الإتفاق والاستمرار في العلاقات الجيدة مع الغرب وصولاً الى التصنيف البريطاني اللافت لحزب الله بشقيه السياسي والعسكري كمنظمة إرهابية، إلى جملة الضغوط التي يتعرّض لها الحزب ولبنان، بلا شك أن ثمة مؤشرات لافتة تحصل على الساحة الدولية قد تصيب لبنان، خاصة أن هناك رسائل يتلقاها مسؤولون لبنانيون، حول خطورة الوضع واحتمال تدهوره.

 

تأتي استقالة ظريف في لحظة حرجة ومفصلية، خصوصاً أنه يمثّل الموقف الهادئ والإصلاحي في النظام الإيراني، وهي أتت بعد ساعات على الإعلان عن لقاء عقد بين مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني برئيس النظام السوري بشار الأسد. لا سيما أن الأخبار الموزعة عن فحوى زيارة الأسد التي وسمت بزيارة العمل إلى طهران، ترتبط برفض المنطقة الآمنة، وتظهر توافقاً سوريا إيرانياً حول رفض هذه الخطوة، التي تمثّل ما يشبه التوافق الروسي التركي.، وإن لم تكن موسكو تذهب إلى مدى بعيد مع الطموحات التركية، لكن ربطاً بالاشتباكات التي حصلت بين الفرقة الرابعة التابعة لإيران وأخرى تابعة لروسيا، لا يمكن سحب اعتبار زيارة الأسد إلى طهران جزءاً من ترتيب الأوضاع الروسية الإيرانية، والتي تؤدي إلى تشدد روسي ربما في رفض المنطقة الآمنة، والسعي والإصرار على إدخال قوات النظام السوري إلى تلك المناطق.

 

إقرأ أيضًا: إسرائيل وأوهام روسيا الشرق أوسطية

 

مما لا شك فيه أن زيارة الأسد إلى طهران، ستحمل العديد من التحولات السورية التي ستنعكس على الوضع اللبناني بشكل أو بآخر، وإذا ما أمكن الاستنتاج إثر هذه الزيارة، فلا بد من اعتبار أن التصعيد مقبل بلا أي شك، وذلك يرتبط أيضاً باستقالة ظريف، الذي عبّر عن اعتذاره من الشعب الإيراني لعدم قدرته على تحمّل مسؤولياته. 

 

وما يقصده بهذا الاعتذار، هو عدم تلبية طموحات القوى الإيرانية المتشددة داخل بنية النظام، والتي تصرّ على الردّ على العقوبات الأميركية بالتصعيد وبالمواجهة، بخلاف ظريف الذي يراهن على الحوار. وهذا سيكون له تداعيات على مختلف الساحات التي تؤثر فيها طهران.

 

إقرأ أيضًا: حزب الله والقلق الأميركي والتضامن الوزاري

 

هذا المسار، يمكن أن يدفع إلى طريق وحيدة، ما بين التطورات الإيرانية السورية، وتصنيف حزب الله بشقيه السياسي والعسكري كمنظمة إرهابية من قبل بريطانيا، وهذه الخطوة تأتي بعد ضغوط أميركية مكثّفة على دول الاتحاد الأوروبي، ما يؤشر إلى احتمال استمرار التصعيد في المرحلة المقبلة، والذي كان يرسم له أن يقود إلى توافق سياسي، ولكن بعد إستقالة ظريف، فإن كل الخيارات أصبحت مطروحة على الطاولة، خاصة في ظل الإصرار الأميركي على التصعيد، وتعزيز رؤية المحافظين في إيران الذين يرغبون بالتصعيد أيضاً. 

 

وهنا يبقى السؤال الأساسي حول انعكاس كل هذه التطورات على الوضع في لبنان؟ الجواب يمكن استنتاجه من العديد من الأجواء والمعطيات التصعيدية من قبل العدو الإسرائيلي، الذي يتحدّث مسؤولوه عن استحالة قبولهم بامتلاك حزب الله أسلحة كاسرة للتوازن ولصواريخ دقيقة، ما يعني أن مخازن هذه الصواريخ سواء في لبنان أو في سوريا، والتي كان قد بدأ الإسرائيليون بحملة منظمة عليها بدأت من موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة. لا بد من النظر بحذر وتخوّف لأي خطوة قد يمكن أن يقدم عليها الإسرائيليون، بالاستناد إلى هذا التصعيد، ما قد يترجم في لحظة جنون دافعة إلى تغيير التوازنات في المنطقة، وخصوصاً في لبنان وضرب مخازن هذه الصواريخ، وإذا ما حصل ذلك، فمن المحتمل ان تحصل قبل الانتخابات الانتخابات الإسرائيلية، خصوصاً اذا ما استشعر نتنياهو خطرا على مستقبله السياسي.