سلطت الصحف الفرنسية اليوم في 26/02/2019 الضوء على زيارة الرئيس العراقي الى باريس الذي عرض محاكمة جهاديين فرنسيين في بلاده، كما اهتمت بالتطورات في الجزائر، وتداعياتها الخطيرة على فرنسا في حال انزلاق الوضع.
 

جورج مالبرينو في صحيفة "لوفيغارو"، كتب أن العراق سيحاكم ثلاثة عشر جهاديا نقلوا من السجون الكردية في شمال شرق سوريا، ولن يعودوا الى فرنسا. وقال مالبرينو إن الرئيسيْن الفرنسي إيمانويل ماكرون والعراقي برهم صالح، كانا حذريْن خلال مؤتمرهما الصحفي بعد لقاء في قصر الاليزيه، حول القضية الحساسة للغاية المتعلقة بمصير الجهاديين الفرنسيين الذين نُقلوا من سوريا الى العراق.

واكتفى الرئيس العراقي- يتابع الكاتب- الذي يقوم بزيارة لفرنسا، هي الأولى له منذ انتخابه في أكتوبر الماضي، بالإعلان عن أن ثلاثة عشر جهاديا سُلموا الى السلطات العراقية التي ستُحاكمهم، من دون أن يُحدد ما إذا كانوا فرنسيين، وقال برهم صالح إنهم "متهمون بارتكاب جرائم ضد العراقيين، وتدمير المرافق العراقية، وسيُحاكمون وفقا للقانون العراقي".

وحول نفس الموضوع علّقت صحيفة "ليبيراسيون" أن فرنسا ليست في عجلة من أمرها لاستعادة جهادييها الثلاثة عشر من العراق. وقالت اليومية الفرنسية إن قوات سوريا الديمقراطية سلمت الخميس الماضي نحو عشرين مقاتلا أجنبيا الى السلطات العراقية، بينهم من يحملون الجنسية الفرنسية، يُنتظر أن يحاكموا في بغداد.

أما صحيفة "لوباريزيان" فقد اعتبرت أن محاكمة هؤلاء الجهاديين الفرنسيين في العراق بعد أن قُبض عليهم في سوريا، يُقلل من عدد الجهاديين الفرنسيين الذين تُطرح معضلة عودتهم.

لماذا يخشى الإليزيه من التطورات في الجزائر؟

تطرح هذا السؤال صحيفة "لوباريزيان" التي كتبت: بينما تهب رياح الاحتجاج ضد ولاية خامسة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تخشى السلطات الفرنسية من نتائج زعزعة الاستقرار في الجزائر. وفي ما اعتبرته الصحيفة تفصيلا معبّرا، قالت إن الإليزيه وفي سؤال حول الوضع في الجزائر، أحال الجواب الى وزارة الخارجية، ما يعكس حالة الحذر في التعاطي مع تطورات الوضع في الجزائر، على الرغم من أن القرارات والتوجهات الحاسمة بشأن الجزائر - كما تشير "لوباريزيان"- تُتخذ منذ عقود في مكتب الرئيس الفرنسي.

وأرجعت اليومية الفرنسية هذا الحذر الفرنسي الى طبيعة العلاقة المعقدة بين فرنسا والجزائر، مشيرة الى أن أي زعزعة للاستقرار في الجزائر، أكبر بلد إفريقي، وأحد أكبر قوة عسكرية في القارة الإفريقية، ستكون لها بالضرورة نتائج وخيمة على فرنسا، أولها على المستوى الاقتصادي.

فباريس لها روابط اقتصادية مهمة مع مستعمرتها السابقة وتعتمد بشكل كبير على الغاز الذي توفره الجزائر. كما أن أي تدهور للوضع في الجزائر ستكون له نتائج كارثية على المستوى الإنساني، وستجد فرنسا نفسها مجبرة بشكل أو بآخر لاستيعاب عدد كبير من الجزائريين وعائلاتهم ممن يحملون الجنسية المزدوجة، ويُقدّر عددهم بحوالي خمسة عشر مليون شخص. كما أن باريس- تتابع "لوباريزيان"- تخشى أيضا من التداعيات الأمنية لأي زعزعة لاستقرار الجزائر خاصة وأن منطقة الساحل الإفريقي تعاني من الجماعات الجهادية، والجارة ليبيا تعاني من عدم الاستقرار وخطر التغلغل الإرهابي.   

"ليبراسيون" أيضا توقفت عند صمت الإليزيه حيال ما يجري في الجزائر

قالت الصحيفة إن الاليزيه امتنع بشكل طبيعي عن التعليق علانية على المظاهرات الضخمة في الجزائر ضد ولاية خامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولكن على غرار جميع أسلافه لا يمكن لإيمانويل ماكرون الا أن يتخوف من العواقب المحتملة لزعزعة مفاجئة لاستقرار الجزائر، حتى أن الديبلوماسيين الفرنسيين- كما تنقل "ليبيراسيون"-يعتبرونها واحدة من أكبر التهديدات الجيو- سياسية في الوقت الحالي، فالجزائر هي واحدة من موردي الطاقة الرئيسيين لفرنسا، حيث توفر 10 بالمئة من الغاز الطبيعي المستورد.

يضاف الى هذا العامل الاقتصادي، التداعيات الأمنية لأن أي اضطراب في الجزائر سيعقّد عمل القوات الفرنسية في الساحل ضد المتمردين الإسلاميين.

لكن باريس- تضيف "ليبراسيون"- تخشى بشكل خاص من أن تدفع أزمة سياسية في الجزائر الشباب الى الهجرة، كما حدث في تونس بعد سقوط نظام بن علي. وبما أن نصف ال 40 مليون جزائري هم دون سن العشرين، فإن هذه الظاهرة يمكن أن تكون مكثفة.