ما هو افق العلاقات الإسرائيلية الروسية فيما يتعلق بالازمة السورية والوجود الايراني في سوريا؟
 
العلاقات الإسرائيلية  الروسية تاريخياً تسلك مساراً غير مستقرّ، وهذا المسار عبر عن نفسه بشكل واضح في خضمّ الأزمة في سوريا لا سيّما من خلال الإحتكاكات المباشرة أو غير المباشرة التي تحدث بين الطّرفين والتي كان آخرها تسبّب إسرائيل بإسقاط طائرة روسية من قبل الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ، وتفعيل روسيا لمنظومتها الدفاعية إس – 300 في سوريا. 
اثناءانعقاد قمة سوتشي في 12 من الشهر الجاري بين الرؤساء بوتين وأردوغان وروحاني ، كان الحديث في إسرائيل عن أوهام روسيا الشرق أوسطية في إطار مؤتمر دولي مخصص للبحث في دور روسيا الجديد في الشرق الأوسط. 
 
وقد عُقد المؤتمر في نفس التاريخ في معهد السياسة والإستراتيجية /هرتزيليا/ الإسرائيلي الذي يترأسه الجنرال المتقاعد عاموس جلعاد بالإشتراك مع معهد كينان الأميركي الشهير، المتخصص بالشؤون الروسية  . 
ونقل موقع اسرائيلي ناطق بالروسية في تغطيته للمؤتمر ، بأنه كان يحمل طابعاً أكاديمياً وحضره كثيرون من العسكريين بلباسهم الرسمي والمدني ، ولم يحضره أي ممثل روسي رسمي ، وإن كانت اللغة الروسية تُسمع في القاعة . 
ينقل الموقع عن مدير المعهد الإسرائيلي قوله، أن روسيا ليست حليفاً إستراتيجياً لإسرائيل ، ولا يمكن لإسرائيل أن تتبادل معها المعطيات الإستخبارية أو التكنولوجيات الحديثة .
 
 
 ويقول هذا الباحث الإسرائيلي أن روسيا، وبعكس ما يفترض محللون كثيرون، غير قادرة على إخراج إيران من سوريا ، وإن كانت ترغب فعلياً في الحد من نفوذها، وهنا ياتي دور إسرائيل. ويؤكد بأن إسرائيل مفيدة لروسيا في هذا الأمر بالذات ، لكن جميع الإتفاقات معها لا يمكن أن تكون إلا سرية.
 
 كما يؤكد أن إسرائيل بدورها ، هي  بحاجة لموافقة روسيا في أمرين: حظر وصول إيران إلى الجولان ، وحرية حركة الطيران العسكري الإسرائيلي ضد الإيرانيين في سوريا، دون تهديد حياة العسكريين الروس . ويعتبر الرجل أن وجود الولايات المتحدة في سوريا مهم بالنسبة لإسرائيل، وينتقد قرارها الإنسحاب من هناك ، ويعتبره قراراً خاطئاً. 
 
من جهته ، دافع مدير معهد كينان البرفسور ماثيو روجانسكي  عن القرار الأميركي بالإنسحاب العسكري من سوريا ، وأكد أن لدى الولايات المتحدة ما يكفي من القوة الناعمة لمواجهة روسيا في المنطقة . وقال أن على الولايات المتحدة ينبغي عليها، في كل الأحوال، أن تدعم إسرائيل، وأن لا تتدخل إذا كانت العلاقات مع روسيا تساعدها في تفادي المواجهة معها. لكنه اشترط أن تكون هذه العلاقات شفافة جداً، وأن لا تنقل إسرائيل لروسيا المعلومات الإستراتيجية أو التكنولوجية . 
 
ومن جهته ، يؤكد السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن ورئيس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات السابقة مع السوريين إيتمار رابينوفيتش، أن ترامب كانت تراوده، فعلاً ، فكرة عقد صفقة مع روسيا ، لكن التحقيقات ضده قد طمستها. ويرى الرجل أن عودة روسيا إلى الشرق الأوسط جعلها تطمح لأن تكون من جديد لاعباً دولياً، لكن "هذا وهم" كان يعاني منه الإتحاد السوفياتي ايضاً . لكنه يرى أن من المهم الحفاظ على الحوار معها، لأنها، وخلافاً للإتحاد السوفياتي، لا تنتهج سياسة مبالغة في عدائها لإسرائيل، بل تنظر إلى الوضع ببرودة وبراغماتية. ويقول أن روسيا يمكن أن تصور نفسها دولة عظمى عسكرياً ، لكنها ضعيفة إقتصادياً . ويوافقه الرأي باحث أميركي آخر ، مشارك في المؤتمر ، ويقول بأن روسيا تشكل التحدي الأضعف للولايات المتحدة، بالمقارنة مع تحدي كل من إيران والصين، وذلك بسبب ضعفها الإقتصادي وحروبها في سوريا وأوكرانيا. هذه الصورة عن روسيا وأوهامها في الشرق الأوسط  التي يقدمها مؤتمر هرتزيليا الإسرائيلي الأميركي، يكملها ما ينقله الإعلام الروسي غير الرسمي في الفترة الأخيرة عن ما تعانيه روسيا من صعوبات في علاقاتها مع حلفائها في سوريا، وخاصة مع إيران ، والذي انعكس بوضوح في النهاية البائسة لقمة سوتشي منذ ايام ، والتي وصفها موقع روسي بأنها انتهت إلى لاشيء. 
 
من جانب آخر، وفي إطار الحديث عن مدى التدهور في العلاقات بين روسيا وإيران في سوريا ، كتبت صحيفة القوميين الروس في 19 من الجاري تقول، بأن إسرائيل تشتكي من التهديدات المتصاعدة من قبل إيران قرب الحدود السورية الإسرائيلية، ما يهدد باندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط ، كما تشتكي أيضاً من سلوك العسكريين الروس المتغاضي عن سلوك الإيرانيين في المنطقة المذكورة. وتقول الصحيفة، أنه خلافاً للتعهدات، التي قطعتها روسيا على نفسها لإسرائيل ، بانسحاب إيران من المنطقة المجاورة للحدود السورية معها، انسحبت هي نفسها مع سوريا منها، وتقوم إيران بتعزيز وجودها فيها. وتستهجن الصحيفة موقف دمشق وموسكو من كل ذلك ، وتقول بأنهما تراقبان ما يقوم به الفرس وأتباعهم، وتقفان عاجزتين، أوتتظاهران بالعجز ، عن القيام باي شيء. 
وفي المقابل هناك من يعتبر أنه ليس من مصلحة موسكو الذهاب بعيداً في تغطية سياسة طهران التوسعية، خاصة وقد أدركت مؤخراً أن الوجود الإيراني في سوريا بات سبباً رئيسياً للتوتر والتفكك داخليا، ولإزعاج أطراف إقليمية وعالمية، وأنه هو دون غيره ما يعيق تحويل نصرها العسكري إلى إنجاز سياسي مقبول دولياً، ما يعني تأخير تمويل إعادة الإعمار، الذي يربطه المجتمع الدولي بمستوى من التغيير السياسي، تبدو طهران معادية له على طول الخط.