شدّد نائب رئيس "المجلس ​الإسلام​ي الشيعي الأعلى" العلامة الشيخ علي الخطيب، على أنّ "الإسلام دين للدنيا والآخرة، والتمسّك بأحكامه يكفل صلاح الدنيا ويؤسّس لقيام المجتمعات الصالحة البعيدة عن الانحرافات والرذائل، فالإسلام منظومة ربّانية متكاملة وهو كسائر الأديان السماوية حريص على حفظ كرامة الإنسان وصون حقوقه وتوفير عيشه الكريم"، مركّزًا على أنّ "الالتزام بتشريعات الإسلام يكفل تحقيق الحرية المسؤولة للفرد الّتي تجعل منه نواة قيام المجتمع الصالح والمعافى في سلوك بنيه، بما يحقّق المفهوم الإلهي لخلافة الإنسان على الأرض، ليعمّرها بالعمل الصالح البعيد عن الاثم والعدوان".

وأعرب خلال إلقائه خطبة الجمعة في مسجد ​بلدة لبايا​ في ​البقاع الغربي​، عن أسفه لـ"إثارة موضوع ​الزواج المدني​ في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي بصورة تحريضية تجافي الحقيقة وتمسّ بعقائد أغلبية ال​لبنان​يين"، لافتًا إلى أنّ "موضوع الزواج ومفاعيله وما يترتّب عليه، هو صيغة مدنية في الإسلام تكفل قيام الأسرة الصالحة، وهو قضية محورية تتّصل بعقائد المجتمع وبنيته الاجتماعية والثقافية والدينية".

وأكّد الشيخ الخطيب أنّ "لا يجوز بأيّ شكل من الأشكال أن تتحوّل العقيدة الدينية للفرد وثقافة المجتمع وبنيته الاجتماعية، مسألة مزاجية وتجارة إعلامية لأهداف رخيصة"، موضحًا أنّ "الزواج في الإسلام موضوع إيماني يتّصل بالأحكام الشرعية، وهو ليس مسألة عرضية نابعة من الهوى ومنفصلة عن منظومة العلاقات الأسرية في المنظومة الشرعية، فهي جزء من كلّ متكامل من الشريعة الدينية والعقيدة الإيمانية، ولا يمكن للمسلم أن يأخذ ما يحلو له منها ويترك ما يتوافق مع أهوائه".

وبيّن أنّه "لا يمكن فصل موضوع الزواج عن التشريع، لاسيما أنّ فلسفة التشريع مبنيّة على قواعد إيمانية مترابطة لا يمكن الفصل بينها، ولا يمكن طرح قضية الزواج خارج إطار التشريع من منظار الأهواء الشخصية، لذلك لا نقبل أن يتنطحن أحد بالقول إنّ التشريع يقع في إطار الحرية الفكرية والشخصية، فهذه فوضى فكرية وليست حرية فكر، لأنّ التدخل في قضايا تخصصية من قبل أشخاص غير مختصّين ولو اعتبروا أنفسهم مثقفّين فإنّ النتيجة ستكون مشوّهة وهدّامة للمجتمع، إذ تخرجه عن المقبول والمألوف في شريعتنا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا المحافظة".

كما ركّز الخطيب على أنّ "​الدستور اللبناني​ أقرّ بأنّ لكلّ طائفة قانونًا للأحوال الشخصية تلتزم به في أحكامها الشرعية، ولبنان قائم على الإيمان. من هنا، فإنّ الزواج المدني الاختياري الّذي أُجيز عقده خارج لبنان، هو صيغة غير قانونية ومخالفة لروح الدستور".

وأعلن "أنّنا نعارض بقوّة الزواج المدني لأنّه يخالف الدستور وينافي الإيمان، وهو تشريع غير مبني على أسس الشريعة الإسلامية، ولا يجوز أن يتفلّت بعض الناس عن روحية الشرع والدستور"، مشيرًا إلى أنّ "هذا التفلّت غير قائم على العلم والموضوعية، ومن يتّهم علماء الدين بالجهل إنّما هم جهلة بأحكام الشرع، ويغطّون جهلهم بالافتراء على أهل العلم وإلصاق التهم بهم".