على أعتاب بلدة "الباغوز" الجيب الاخير لدولة الخلافة المزعومة في سوريا تقف قوات التحالف الدولي متأهبة إعلان القضاء على تنظيم داعش تساندها قوات سوريا الديمقراطية، فالمدينة الريفية الواقعة على تخوم حقل "عمر" أكبر الحقول النفطية في سوريا ونبع الدعم المالي للتنظيم نالت شهرة واسعة وأضحت قبلة غرف العمليات الامنية ويحول دون اقتحامها والسيطرة عنها بشكل نهائي حقل الالغام الذي زرعه التنظيم.  

المعلومات الواردة من الميدان تشير الى أن الساعات حاسمة، خصوصا بعدما باشرت مجموعات "داعش" بالاستسلام مستغلة خطة اخلاء المدنيين والتي سمحت عملياً لفك الحصار ما فتح المجال امام موجة كبيرة من الاستسلام، في حين تحاول قوات سوريا الديمقراطية استيعاب العملية مدعومة من خبراء أمنيين من اميركا وبريطانيا وفرنسا والتي تعد الراعية الأساسية لخطة القضاء على داعش وتصفية نفوذها.
 
تطرح عملية تحرير "الباغوز" مصير مستقبل المناطق في شرق الفرات على بساط البحث، خصوصا أن حملة التفاهمات الاقليمية لم تتوصل لاتفاق نهائي، فالجانب الغربي والذي تتزعمه أميركا يكتنف قراره الغموض في ظل إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ضم شرق الفرات الى المنطقة الآمنة على طول مناطق الشمال بإشراف القوات التركية مباشرة، ما يجعل تقسيم سوريا أمراً وارداً وفق محميات اقليمية ودولية.
 
في هذا الاطار، يسود القلق بين اكراد سوريا حيال الخطط المرسومة للمناطق الخاضعة لسيطرتهم في ظل المعمعة الحاصلة يضاف اليها التحرك الذي باشره رئيس "حزب الغد" احمد الجربا باتجاه العواصم المعنية، أي العراق وتركيا وروسيا والسعودية، وقد اتضح أنه جرى بضوء أخضر أميركي، وتركزت مجمل مباحثات الجربا حيال مصير مناطق الاكراد، بما في ذلك تقوية" قوات النخبة "الجناح العسكري للحزب والمتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية للقضاء على داعش.
 
كما لا يخفى بأن الاكراد شكلوا العامود الفقري للتدخل الامريكي في سوريا وبناء قواعد عسكرية ثابتة، غير أن قرار ترامب المفاجىء قلب المشهد رأساً على عقب، خصوصاً بعد انحسار احتمال اعلان الاكراد الحكم الذاتي في سوريا ودفعهم الى مواجهة غير متكافئة مع تركيا والتي تضع نصب عينها تصفية نفوذ الاكراد بشكل نهائي.
 
الانزعاج الكردي بلغ ذروته عند مبادرة الجربا تسليم عدد من اسرى للسلطات العراقية دون الرجوع للقيادات الكردية فيما تتردد معلومات عن نيته تسليم المزيد من الاسرى، يضاف اليها المفاوضات التي يرعاها الطرف الروسي بين الاكراد والنظام في حين يتمسك الجربا بالحلف مع اميركا والسعودية كضمانة للمعارضة السورية قبيل الشروع في المفاوضات النهائية من بوابة اللجنة الدستورية.
 
هل ينفجر الصراع داخل قوات سوريا الديمقراطية؟ تجيب مصادر في المعارضة السورية بأنه من المبكر الحديث عن تشظي قد يصيب الفصيل السياسي والعسكري الذي دحر داعش عن سوريا رغم عدم التقليل من حجم التباين الراهن، و يضيف المصدر لـ"لبنان 24" بأن حل الازمة السورية لا يزال بعيد المنال رغم الانطباع القائم بان جولات القتال شارفت على النهاية والسبب يكمن في تضارب مصالح الدول المعنية ما يجعل كل الاحتمالات مفتوحة قبيل ابرام التسوية النهائية.