تجاوب مع مبادرة وزير المهجرين لإبعاد الملف عن التجاذبات السياسية
 

احتوى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أمس، التباينات مع وزير المهجرين غسان عطا الله، متلقفاً استعداد الأخير للتعاون معه وإبعاد الملف عن التجاذبات السياسية، وهو ما يعد التطور الأبرز على صعيد التهدئة التي لجأ إليها جنبلاط مع «التيار الوطني الحر» منذ تشكيل الحكومة الجديدة.

وغرّد جنبلاط عبر حسابه في موقع «تويتر» قائلاً إن «الحزب التقدمي الاشتراكي يبدي كل الاستعداد للتعاون مع وزير المهجرين الجديد غسان عطا الله لطي صفحة حرب الآخرين على أرضنا كما وصفها الراحل الكبير غسان التويني».

وجاء موقف جنبلاط بعد تصريحات للوزير عطا الله كشف فيها عن وجود خطة عمل «كاملة متكاملة» جاهزة وتخضع لبعض التعديلات استعداداً لتقديمها إلى مجلس الوزراء في خلال الشهرين المقبلين، تمهيداً لإقفال ملف المهجرين وإلغاء وزارة المهجرين في الحكومات المقبلة. وقال في حديث إذاعي إن «اليد ممدودة دائما للتعاون مع النائب السابق وليد جنبلاط في الجبل كما مع الجميع»، داعياً إلى «إبعاد السياسة عن هذا الملف».

ومع أن ترحيب جنبلاط وتلقفه للمبادرة ينطلق من حيثيات مرتبطة باستقرار الجبل، فإن مبادرته تحمل دلالات أبلغ متصلة بتوجه جديد قائم على التهدئة في الداخل مع كل الأطراف، بدأت بالتواصل مع الرئيس سعد الحريري لاحتواء تباينات برزت بينهما، وصولاً إلى التعاون مع وزير المهجرين الذي كان توليه موقعه مفاجئاً لجنبلاط، وهو ما أثار حفيظته ووتّر العلاقة مع رئيس الحكومة قبل أسبوعين.

وينظر «التقدمي الاشتراكي» إلى ملف المهجرين على أنه «واحد من أبرز الإنجازات الوطنية التي تحققت بعد الحرب». وتؤكد مصادر الحزب «أننا حريصون على كل ما من شأنه أن يعزز هذه العودة (للمهجرين) ويكرسها على الأرض ويكرس الاستقرار في الجبل ويعزز العيش المشترك».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الطبيعي أن نتلقف أي كلام أو موقف إيجابي من قبل وزير المهجرين بإيجابية انطلاقاً من حرصنا على الوضع القائم بالجبل ورفضنا تعريضه لأي اهتزازات يمكن أن تحصل بسبب الاختلاف في المواقف السياسية». وتؤكد أن هذا الموقف الصادر عن جنبلاط «بمثابة ترحيب بالكلام الإيجابي والمسؤول الذي صدر عن وزير المهجرين».

ويتضمن تصريح جنبلاط أبعاداً سياسية أخرى، عندما ربط خطوته الانفتاحية بـ«طي صفحة حرب الآخرين على أرضنا»، كما قال، وهو موقف يعيد فيه الاختلافات الداخلية إلى امتدادات إقليمية، وخصوصاً في ظل التشنج الذي ظهر مؤخراً، على ضوء المناكفات مع حلفاء دمشق في بيروت.

ولا تخفي مصادر مواكبة أن جنبلاط «اتخذ منحى باتجاه تطويق الإشكالات ومسبباتها مع الأطراف الداخلية، لقطع الطريق على محاولات التوتر التي يتحمل مسؤوليتها النظام السوري أو غيره».

ويعتبر ملف المهجرين واحداً من أبرز الملفات التي أثارت خلافات، وفتحت الباب أمام تكهنات حول شبهات فساد وهدر في السنوات السابقة. ومع إقفال ملف الحرب وتكريس المصالحة في الجبل، وعودة القسم الأكبر من المهجرين إلى قراهم وبلداتهم، ثمة اتفاقات سياسية على تصفية المستحقات ودفعها بالكامل، تمهيداً إلى إقفال الملف وإلغاء وزارة المهجرين.

وأعلن الوزير عطا الله، أمس، أن «صفحة الحرب المؤلمة يجب طيها في أسرع وقت ممكن». وقال: «أمامنا مهلة مائة يوم لإتمام كل المهام المتبقية، ونتطلع إلى يوم ليس ببعيد تكون فيه وزارة المهجرين وزارة العودة إلى الجذور وسأعمل 24 على 24». وأكد أن «عودة المهجرين يجب أن تكون مدخلاً لإعادة إنماء الريف»، لافتاً إلى أن «المطلوب اليوم أن نتمكن من المساهمة في تكريس نزوح معاكس من المدينة إلى الأرياف».