نشاطات فنيّة متتالية تقيمها الجامعة الأميركية في بيروت تحت عنوان «لنكتشف ونتذكر». فهي تهدف من خلال حفلات متلاحقة تحييها في حرمها ضمن برنامج زكي ناصيف للموسيقى، إلى أن توطّد علاقة جيل الشباب مع جذورهم وهويتهم الشرقية. وفي هذا السياق ستقدّم الحفل الموسيقي «جسور بين التقاليد» في 20 فبراير (شباط) الجاري في قاعة البطحيش في مبنى الـ«وست هول».
ويتضمن الحفل الذي يحييه 4 عازفين لبنانيين وهم: زياد الأحمدية على العود وبهاء ضو على الرق ومكرم أبو الحسن على كونترباص ومنير مهملات على التشيللو، مقطوعات موسيقية تجمع ما بين النغمات الشرقية والغربية في توليفة جديدة.
«ترتكز الفكرة على إيجاد قالب يدمج بين آلات عزف شرقية وأخرى غربية. كالعود والتشيللو من ناحية والإيقاع والباص من ناحية ثانية». يوضح عازف العود الشهير زياد الأحمدية في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سنحاول كعازفين مجتمعين في حفل واحد أن نعطي نحو 15 مقطوعة موسيقية من تأليفنا بعدا آخر، من خلال توزيع موسيقي جديد يدفع بالحضور إلى اكتشاف الرابط بين هذه الألوان الموسيقية المقدمة في قالب واحد».
أما دكتور نبيل ناصيف مدير برنامج زكي ناصيف للموسيقى في الجامعة الأميركية فيؤكد أن هذا النوع من المهرجانات من شأنه أن يجذب جيل الشباب، لا سيما الغارق في نزعة الموسيقى الغربية الرائجة اليوم، كما أنه «يتمتع بحماس دائم لاكتشاف الجديد، ونحن بدورنا نقدّم له جسر التواصل ما بين معرفته الحديثة والجذور العريقة». ويتابع في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «العولمة التي نعيش في كنفها اليوم سمحت لنا بالتعرّف على أنماط موسيقية وفنون كثيرة. وهذا التقارب في التواصل بيننا وفي اختصار المسافات بين الناس من خلال الإنترنت، أدّى إلى تبادل هائل في ثقافاتنا وحضاراتنا. فكما في الموسيقى والرقص والغناء هناك انفتاح ملحوظ بين سكان الكرة الأرضية أجمعين حول الرسم والنحت وثقافة المطابخ والطعام وغيرها. ونحن في الجامعة الأميركية نتمسّك بجذورنا ونحاول توعية الشباب عليها كي لا ينسوها في خضم هذه العولمة». ويختم د. ناصيف: «عندما يعود الشخص إلى جذوره يصبح أداؤه أفضل في جميع المجالات. وإذا أخذنا مثلا اللغة الأم فهي بمثابة مفتاح يسّهل على من يتقنها التعبير بسهولة عن أفكاره بلغات أخرى، وهو الأمر الذي ينطبق على أمثلة كثيرة تتعلق بالهوية والجذور معا».
ومن بين المعزوفات التي ستقدّم في الحفل «المعبد» و«رقصة الناس» و«زنود الست» و«غزل عالريق» لزياد الأحمدية. وكذلك أخرى تحمل عناوين بالأجنبية كـ«حلم الهروب» و«فوضى منظمة» و«بوسا نوفا». وتحت عنوان «متتالية موسيقية» يعزف مكرم أبو الحسن معزوفات وترية (string composition) تمزج ما بين آلات التشيللو والعود والكونترباص لتأخذ منحى العزف المتواصل وعلى التوالي.
«أجد أن الجيل الجديد المهتم بالفنون لا تنحصر خياراته الموسيقية على نوع معيّن منها، في ظل انكبابه على المعرفة التي يوفّرها له العالم الرقمي. فهو يطل من خلاله على موسيقى قديمة وحديثة ومن النوع الكلاسيكي والجاز والطرب الشرقي وغيرها. ولذلك هو يقصد هذا النوع من الحفلات بعيدا عن التجارية الرائجة لأنه يتوقع اكتشاف الجديد معها، وهو ما سنحاول إيصاله له في (الجسور بين التقاليد)». ويختم زياد الأحمدية في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بغض النظر عما إذا كان الحضور من محبي هذا الخط الموسيقي أو العكس، فهو لا بد سيستمتع بعزف حديث يخرج عن المألوف. وفي الوقت نفسه هذا الأمر لا يساهم في إلغاء أنماط موسيقية أخرى موجودة على الساحة اليوم والأفضل سيرسخ في ذهنه».