حلفاء إيران يفشلون في تحشيد أغلبية برلمانية ضدّ الوجود الأميركي في العراق.
 

علمت “العرب” أن “نحو 50 نائبا في البرلمان العراقي، تقدموا بطلب مكتوب إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، لتضمين جدول أعمال الجلسة الأولى من الفصل التشريعي الثاني، بندا يتعلق بمراجعة اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، الموقعة العام 2011″.

يأتي هذا في وقت يشترط فيه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مشروع قانون يطالب بانسحاب متزامن للقوات الإيرانية والتركية والأميركية من العراق وليس فقط انسحاب الأميركيين، فيما فشل حلفاء إيران بالبرلمان في تجميع أغلبية مساندة لمساعيهم بالضغط لإخراج القوات الأميركية.

ويريد النواب الموقعون على طلب المراجعة، الذين ينتمون إلى تحالف الفتح وائتلاف دولة القانون المقربين من إيران، تقييد هذه الحرية، تمهيدا لتشريع قانون ينص على إلزام الحكومة بإخراج جميع القوات الأجنبية من العراق.

وبحسب مصادر “العرب”، فقد بحثت قيادة تحالف الفتح، ملف التشريع الخاص بخروج القوات الأجنبية من العراق، مع ممثلين عن التيار الذي يقوده مقتدى الصدر. وقالت المصادر إن الصدر “اشترط لدعم هذا التشريع أن ينص صراحة على إخراج أي قوات إيرانية من العراق، إلى جانب القوات الأميركية والتركية والإيطالية”.

وبينما حاول قادة الفتح تأطير مشروع القانون بنص شامل يتضمن الإشارة إلى القوات التركية والإيطالية، لتجنب الاتهام باستهداف القوات الأميركية، يريد الصدر أن يشمل نص القانون بندا صريحا يتعلق بالنفوذ العسكري الإيراني في العراق.

وتشير المصادر إلى أن الخلافات بشأن البند الخاص بالنفوذ العسكري الإيراني، هو الذي يعرقل انضمام كتلة سائرون التي يرعاها الصدر، إلى جهود دعم تشريع قانون يلزم القوات الأجنبية بمغادرة البلاد.

وكان زعيم تحالف الفتح هادي العامري، قال ردا على تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثالث من الشهر الجاري “لن نسمح قطعا بأي وجود بري أو قواعد جوية أميركية في العراق”، مؤكدا أن البرلمان العراقي سيقر قانونا بهذا الشأن.

ويزعم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أن الولايات المتحدة “تمارس ضغوطا على نواب عراقيين، لتغيير موقفهم الداعم لتشريع قانون بإخراج القوات الأجنبية من العراق”.

وقال القيادي في دولة القانون سعد المطلبي إن واشنطن “تضغط على بعض النواب من كتل سياسية مختلفة من أجل تغيير مواقفهم (من الوجود العسكري الأميركي في العراق)”.

ويستند المطلبي إلى هذه “الضغوط” في تفسير “تراجع بعض النواب عن موقفهم” الداعم لجهود هذا التشريع، ما يشير إلى المصاعب التي يواجهها حلفاء إيران لتحشيد أغلبية قادرة على تمرير قانون من هذا النوع.

واعتبر النائب حسن سالم، عن حركة عصائب أهل الحق الموالية لإيران، أن “المطالبين ببقاء قوات الاحتلال الأميركي خونة الوطن وعبدة الدولار”، داعيا البرلمان إلى أن “تكون له وقفة شريفة وحقيقية من خلال تشريع قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق”.

وخلال زيارته إلى العراق في 12 من الشهر الجاري، علق وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان، على أنباء الحراك البرلماني لتشريع قانون يستهدف الوجود العسكري الأجنبي في العراق، قائلا “هناك نشاط في مجلسهم التشريعي، النقاشات تتناول ما إذا كان يجب الحدّ من عدد القوات الأميركية في العراق، وأردت أن أوضح لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، أننا نعرف دورنا وندرك أننا هنا بناء على دعوة الحكومة العراقية”.

ولم تمض سوى خمسة أيام على زيارة الوزير الأميركي، حتى أرسلت الولايات المتحدة مسؤولا عسكريا رفيعا إلى بغداد، للقاء المسؤولين العراقيين والتأكيد لهم التزام بلاده بدعم المؤسسة العسكرية العراقية.

وبلا إعلان مسبق، وصل إلى بغداد، الأحد، الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى، ليلتقي عادل عبدالمهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس أركان الجيش الفريق عثمان الغانمي، حيث صدرت إشارات تتعلق برغبة المسؤولين الثلاثة استمرار الدعم الأميركي لبلادهم، ما اعتبر تأييدا ضمنيا لبقاء قوات الولايات المتحدة في العراق.

وتباحث عبدالمهدي وفوتيل في “مجالي الحرب ضد عصابة داعش الإرهابية والتدريب، والتطورات الإيجابية التي يشهدها العراق وتوجهات الحكومة لتعزيز الأمن والاستقرار وإعمار المدن المحررة والمتضررة، إلى جانب جهود القضاء على بقايا داعش في سوريا”.

ولم يدل مكتب رئيس الوزراء العراقي بتفاصيل إضافية بشأن هذا اللقاء، الذي حضره جوي هود القائم بأعمال السفارة الأميركية في العراق، والجنرال بول لا كامرا قائد قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا.

وخلال لقائه الحلبوسي، جدد فوتيل “التزام بلاده بدعم القوات الأمنية العراقية في المجال الأمني للقضاء على الإرهاب بصورة نهائية”.

وطالب الحلبوسي بضرورة دعم القوات الأمنية العراقية في مجال التسليح والتدريب وتطوير قدراتها للقضاء على الإرهاب وتحقيق الاستقرار.

وبحث فوتيل والغانمي “التعاون والتنسيق بين العراق والتحالف الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية في المجال العسكري”.

وأعلن الغانمي، وهو أرفع جنرال في المؤسسة العسكرية العراقية، أن “الشراكة مع الولايات المتحدة مستمرة ومتواصلة من أجل دعم العمليات القتالية للقضاء على ما تبقى من فلول داعش الإرهابي، بالإضافة إلى دعم وتطوير قدرات القوات العراقية في التدريب والتجهيز ومسك الحدود”.

وردا على ذلك، أعلن فوتيل أن “مستوى التعاون والتنسيق بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في أعلى مستوياته ونحن ملتزمون ومستمرون بتقديم كل أشكال الدعم اللوجستي والمساعدة من أجل تطوير قدرات الجيش العراقي بكافة صنوفه”.