ينظر جمهور تيار «المستقبل» في البقاع الشمالي بعين الأمل والعمل إلى المرحلة المقبلة بعد تحقيقه فوزاً في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وإيصاله نائباً سنّياً من إثنين عن دائرة بعلبك الهرمل بعد مصادرة مقعده لدورات متتالية، ويُنتظر أن يُكافأ بخطة عمل، في حين يسيطر التشاؤم على البعض لإعتبارات قيادية تحتاج خطة سياسية نهضوية تنظيمية.
 

يسعى تيار «المستقبل» بعد الإنتخابات النيابية والتي تعرّض خلالها لنكسات على صعيد النتائج في بعض المناطق إلى لملمة حضوره الشعبي وشدّ الهمم، وإعادة هيكلة التيار. وفي السياق، بدأ عملية محاسبة على صعيد القيادات والمنسقين الذين تجذّر بعضهم لسنوات، وفيها رأى الجمهور بشرى أمل تعيد الحلقة المفقودة للتواصل بين القيادة والقاعدة التي إستأثر بعض الأشخاص بها لسنوات.

وفي حين شملت المحاسبة معظم المنسقيات على أن تُستكمل لاحقاً، إستُثنت منسقيتا بعلبك وعرسال منها لتحقيقها نجاحاً وفوزاً وإيصال نائب عن المنطقة وفق القانون الإنتخابي الجديد.

ومن كلام أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري في أحد المؤتمرات في شتورا حين سئل عن غياب إهتمام التيار بالبقاع، كان الجواب: إنّ التيار يهتم بالصوت والقاعدة التي تأتيه بنائب، الى أحد قياديّي المستقبل الذي ينطلق بكلامه ليقول: إنّ القاعدة الشعبية للتيار في دائرة بعلبك الهرمل قد أتت بنائب، فهل هنا يبدأ الإهتمام؟

ورغم النتيجة التي تحققت سادت لفترة معينة حالة من الشرخ بين منسقيّتي عرسال وبعلبك وبين الأخيرة وقيادة التيار، حيث إعتبر جمهور مرشح منطقة بعلبك أنّ التيار صبّ إهتمامه في منطقة عرسال، حيث كانت التوجيهات لكافة المناطق (عرسال، العين، الفاكهة) بإعطاء الصوت التفضيلي لمرشح عرسال، ما حرم وصول مرشح بعلبك، في حين يرى البعض أنّ الجهد الذي بُذل والإمكانيات التي وُفرّت كانت غير كافية، وكان من المفترض وصول مرشَّحَي «المستقبل» في حال تمّ رفع عدد الأصوات التي حصلت عليها لائحة المستقبل- القوات والحلفاء.

والجدير ذكره أنّه قدّم مرشحون من اللائحة طعناً أمام المجلس الدستوري مرفقاً بمستندات ووثائق تثبت حصول تزوير في الحاصل العام، بانتظار القرار النهائي.

وعن وضع تيار «المستقبل» في البقاع في مرحلة ما بعد الإنتخابات يسأل البعض ماذا تغيّر، وهل يكون وضعه أفضل، وهل تعير القيادة إهتماماً للمنطقة؟

مطالب كثيرة يحتاجها جمهور التيار في البقاع، كانت في السابق محض أمنية بفعل التركيبة السياسية للمنطقة وهشاشة وضع التيار فيها، وعدم وضع المنطقة على سلّم الأولويات منذ بدء الطابع التنظيمي للتيار.

وفي هذا الإطار تقول مصادر خاصة لـ«الجمهورية» أنّ «تيار المستقبل» يعيش حالة مراوحة بسبب إفتقاره في المنطقة وبشكل عام إلى خطة سياسية نهضوية لكل مكاتبه ومنسّقياته، وهنا يأتي دور الإدارة المركزية التي يجب أن تتخذ قراراً بالنظر إلى حاجات وهموم أهالي المنطقة والتي بدأت بلقاءات أسبوعية حُددّت للنائب بكر الحجيري مع منسقيتي عرسال وبعلبك لنقل هموم الناس ووجعهم وبالتالي التعبير عن مصالحهم، ونقلها إلى القيادة.

ويضيف المصدر بأنّ نشاط التيار السياسي على الصعيد الشعبي محدود، فالقاعدة دائماً في حال المتلقي للتوجيهات، وتفتقر إلى الهيكلية التنظيمية، وكل عمل يبقى معلقاً ومربوطاً بتشكيل الحكومة، والمطلوب بحسب المصدر وضع خطة لإستنهاض التيار بعيداً عن إنتظار تشكيل الحكومة، ويسأل: هل التسويات التي تتمّ خلال تشكيل الحكومة ملزِمة للتيار على أرض الواقع، وهل وضع «تيار المستقبل» مرهون بتشكيل الحكومات، أم له الحق بالعمل بشكل دائم ومنفصل عن ما يحصل.

نائب المستقبل عن دائرة بعلبك الهرمل بكر الحجيري وفي حديث لـ«الجمهورية» عن وضع «تيار المستقبل» في المنطقة بعد حصوله على نائب يقول: إنه في مرحلة ما قبل الإنتخابات كانت هناك مطالبة بمشاركة سياسية أكبر على مستوى المنطقة داخل التيار، وحين أقرّ قانون الإنتخابات وقع الناس في حال عدم فهم للقانون وطريقة التعاطي معه وبالتالي حصلت أخطاء خلال العملية الإنتخابية، حيث كان الهدف إيصال مرشحي المستقبل لكن وفق الآلية التي إعتُمدت لم يصل إلّا مرشح واحد، وصوِّر الموضوع على أساس صراع مناطقي بدل أن يكون صراعاً بين مرشحين.

وإعتبر أنّ وضع عرسال خلال العملية الإنتخابية لم يكن كما هو مطلوب حيث وُزع أهالي عرسال البالغ عدد ناخبيهم أكثر من 17 ألفاً على مركزين فقط أحدهما بعيد من البلدة ناهيك إجراءات عسكرية، وكأنّ المطلوب حينها عدم تصويت عرسال ما دفع الأهالي إلى ردة فعل وإقبال على صناديق الإقتراع والتصويت لمرشح المستقبل وأوصلوه.

وعن المرحلة المقبلة يقول الحجيري إنّ «العمل سيجرى لضمّ المنسقيتين أو لتركيبة جديدة وتوسيع قاعدة المشاركة لتضمّ طوائف أخرى، كذلك سيتمّ نقل معاناة الناس ومطالبهم والخدمات التي يريدونها والتي كانت تقتصر سابقاً على وظيفة عسكري أو ما شابه».

كذلك وضع الحجيري برنامج عمله موضع التنفيذ والمتضمّن مشروع الضمّ والفرز، وضع المزارع البقاعي، زراعة القنب الهندي، العفو العام، الإنماء المترافق مع الأمن وعودة الناس إلى الدولة وشعورهم بأنهم جزءٌ منها.

بدوره مرشح المستقبل عن بعلبك حسين صلح يقول لـ«الجمهورية» إنّ وجود نائب للمستقبل في المنطقة خطوة مهمة بالنسبة لتيار سياسي، وهناك قضايا كثيرة في المنطقة تحتاج للمتابعة على صعيد منسقيتي عرسال وبعلبك، وإذا أُحسن العمل والتنسيق يستفيد جمهور التيار وتُحلّ مطالبه الإجتماعية والإقتصادية، وبقدر ما يكون أداءُ النائب جدّياً ويشمل مراكز نفوذ للتيار كونه ممثل التيار عن المنطقة بقدر ما يتعزّز حضور التيار في المنطقة.

ويبقى أن يحقق التيار ما تنتظره القاعدة الشعبية ويعيد حضوره إلى المنطقة التي تحتاج الكثير، وله فيها جمهور وممثل عنها ينقل هواجس الناس وهموهم على أمل حلّها.