القيادة العسكريّة الإسرائيليّة ستجد نفسها مضطرّة إلى الاهتمام قريباً بالتهديد الوجودي الذي يُشكِّله لبلادها الوجود العسكري لإيران و”حزب الله” في سوريا وترسانتهما العسكريّة الهائلة الموجودة فيها وكذلك في لبنان، يقول المُتابع الأميركي نفسه لأوضاع بلاده وسياساته في الشرق الأوسط ولحال رئيسها دونالد ترامب. هذا الأمر سيحصل، أو يجب أن يحصل قبل الانتخابات الرئاسيّة المقبلة عام 2020، والحكومة الإسرائيليّة وكل مؤسّساتها المدنيّة والأمنيّة والعسكريّة اختارت الأشخاص المُكلّفين مُتابعة السياسة الخارجيّة الأميركيّة ووضعتهم في الأماكن اللازمة. هي ستنتظر انتهاء الانتخابات العامّة في نيسان المقبل وقيام كنيست جديدة لاتخاذ القرارات المتعلّقة بإزالة التهديد المذكور أعلاه. وستبذل جهدها كي يتمّ ذلك قبل أن يجد ترامب نفسه في مواجهة عمليّة عزل أو طرد من مجلس النوّاب أو أي مشكلة قانونيّة أخرى. والجميع في الولايات المتحدة، يُضيف المُتابع نفسه، يُدركون مُخطّط “حزب الله” الرامي إلى تكوين وجود له في المناطق السُنيّة والدرزية اللبنانيّة من خلالها أبنائها. ويُدركون أيضاً محاولاته تقويض القيادة السياسيّة القويّة للرئيس سعد الحريري وللزعيم وليد جنبلاط. ويعتقدون أن مُخطّطات الإيرانيّين و”حزب الله” لتوسيع هيمنتهم الإقليميّة ولتنفيذ تصاميمهم اللبنانيّة يمكن أن تنتهي عندما تُغادر إيران سوريا طوعاً أو إذا أُجبرت على مغادرتها، وليس هناك خلاف بين رؤساء الأجهزة الأمنيّة الأميركيّة والرئيس ترامب حول طريقة إنهاء الخطّة أو اللعبة الإيرانيّة. لكن هؤلاء الرؤساء كانوا فقط يُشيرون إلى أن استمرار إيران في “الاتفاق النووي” يجعل التفاوض معها حول اتفاق جديد يُنهي برنامجها الصاروخي الباليستي، ويوقف خططها للهيمنة أفضل من انفجار الصدامات والاشتباكات السياسيّة والأمنيّة والعسكريّة. والجواب الذي قدّمه ترامب تعليقاً على شهاداتهم في الكونغرس ترسل بدورها رسالة أخرى إلى الإيرانيّين. لكن على رغم ذلك، أو بصرف النظر عنه، فهناك ضرورة ماسّة لإنهاء البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني مع مُخطّط الهيمنة الذي وضعته القيادة في طهران ولا تزال تعمل عليه. والروس، يلفت المُتابع نفسه، يعرفون هذين الخيارين اللّذين تواجههما إيران اليوم. وهم يستطيعون مع الرئيس السوري بشّار الأسد إقناع الإيرانيّين بمغادرة سوريا طوعاً أو مواجهة توقّعات انفجار الصدامات الكبرى في وقت غير بعيد يبدأ أواخر الربيع الجاري وبداية الصيف المقبل. والخطط الطارئة لمواجهة هذا الاحتمال قد وُضعت وهي تُراجع في استمرار وتُحدَّث بحسب الحاجة والتطوّرات. أنا أعرف، يؤكّد المُتابع نفسه، أنّ الإيرانيّين لن يتفاوضوا مع رئيسنا ترامب ويُفضّلون انتظار الانتخابات الرئاسيّة في بلاده بعد سنتين. لكن ماذا سيحصل إذا أعطاه الأميركيّون ولاية ثانية؟ وهل يستطيعون تحمّل الأذى الكبير الذي سبّبه لهم حتّى الآن والذي لا بُدّ أن يزداد في ولايته الثانية؟ وماذا تفعل قيادة النظام الإسلامي في إيران في حال تحوّل التباين بين مُتشدّديه من علماء و”حرس ثوري” و”بسيج” وجيش وبين إصلاحيّيه الذين هم جزء منه، وفي صفوفهم أيضاً علماء و”حرس” و”بسيج” وجيش؟ فهل يصطدم الفريقان ويوقعان بلادهما في اضطرابات شديدة يمكن أن تتحوّل حربّاً أهليّة رغم استبعاد ذلك؟ أم يُسيطر الفريق الأقوى بينهما، وهو في المناسبة الأكثر تشدُّداً؟

 

في أي حال، كما قلت لك سابقاً، فإن ترامب وبنيامين نتنياهو سيحتاجان قطعاً إلى عمليّة “إلهاء”. ويبدو أن إيران قلقة جرّاء تهديداتها لإسرائيل وخطابها العدائي جدّاً لها حتّى الحرب. وعليها فعلاً أن تشعر بالقلق. فنحن في الولايات المتّحدة مُقتنعون كلّنا بأن انفجار الأعمال العدائيّة هو احتمال مُرجّح. وسأسعى إلى إعلامك بتصاعد التوتّر والضغوط وبوصولهما إلى مرحلة التحوّل حرباً أو اشتباكات.

 

ماذا عن الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة في العام 2020؟

 

يُجيب المُتابع نفسه بالقول إن الحملة الانتخابيّة الرئاسيّة بدأها الرئيس ترامب بالتجمّع الشعبي الذي أقامه يوم الإثنين الماضي في “إلباسو” (ELPASO). وبات واضحاً جدّاً أنّه صار أكثر اعتماداً على قاعدته الشعبيّة الصلبة، وأنّه سيفعل كل ما في وسعه من اجل الوفاء بالوعود التي قدّمها لها في حملته الانتخابيّة قبل سنتين، وفي الوقت نفسه من أجل تنفيذ “أجندات” الفئات المتنوّعة داخل هذه القاعدة. ويعني ذلك أن الباقين من الأميركيّين سيصوّتون للديموقراطيّين أو سيمتنعون عن التصويت. وفي هذه اللحظة يبدو أن الديموقراطيّين يعملون بنشاط كبير وأن حاملي رايتهم في الانتخابات الرئاسية سينالون أصوات قاعدتهم الديموقراطيّة ومعها أصوات النساء البيض في الضواحي والأفريقيّين الأميركيّين و”اللاتينوس” وغالبيّة المستقلّين. طبعاً الكثير سيتوقّف على شخصيّات حاملي العلم الديموقراطي، أي المُرشّحين.

 

في أي حال، يُضيف المُتابع نفسه، ديموقراطيّون كثيرون “رموا قبعاتهم” داخل حلبة الترشيح وأكثر منهم سيفعلون ذلك أيضاً في الأسابيع المقبلة. وربّما سيتنافس معظمهم على مركز نائب الرئيس. وهناك اقتناع بأن نائب الرئيس السابق باراك أوباما جو بايدن سيُرشّح نفسه للرئاسة ومعه امرأة لنيابة الرئاسة. وقد تكون آمي كلوبوشار أو كامالا هاريس. وهو سيفعل ما في وسعه كي يُبطل الضرر الداخلي والعالمي الذي أحدثه ترامب، وبعد ذلك يُعطي الشعلة لجيل أكثر شباباً، متنوّعاً وناجحاً.

 

ماذا عن التحقيقات التي يُجريها المُحقّق الخاص مولر؟

 

يُجيب المتابع نفسه بأن دونالد جونيور سيكون أوّل من يوجّه إليه اتّهام، ثم يتبعه الصهر جاريد كوشنِر، وأن الجميع في انتظار تقرير مولر. والحبل لا يزال يشتدّ حول عنق ترامب. ولا أزال أعتقد أنّه في أحسن الأحوال سيكون رئيس ولاية واحدة وفي أسوئها لن يكمل ولايته.