ما جاء على لسان النائب نواف الموسوي إن بخصوص الرئيس بشير الجميل ومجيئه إلى الرئاسة على الدبابة الإسرائيلية، أو بخصوص الرئيس ميشال عون الذي أوصلته بندقية المقاومة لم يكن مجرد زلة لسان، بل هو ثقافة مترسخة.
 

لا ريب أن الاعتذار بحد ذاته يعتبر فضيلة، ولا يُقدم عليه إلا أصحاب النفوس الكبيرة لأنه يحتاج إلى مؤونة عالية من الرقي تخول المعتذر من الاقرار بالخطأ المرتكب والرجوع عنه.

يبقى لا بد من الإشارة، بأن هناك فارق كبير وشاسع جدًا بين الاعتذار السياسي، المحكوم بلحظة سياسية قد يجد المعتذر أن مصلحته الحزبية تتعارض الآن من الإجهار بموقف أو وجهة نظر مضمرة، ولكن الإفصاح عنها الآن لا تخدم مشروعه لاعتبارات معينة أو لسياق يريد ترسيخه.

إقرأ ايضًا: نواف الموسوي: الغضب الأحمق (بقلم عماد قميحة)

ما جاء على لسان النائب نواف الموسوي إن بخصوص الرئيس بشير الجميل ومجيئه إلى الرئاسة على الدبابة الإسرائيلية، أو بخصوص الرئيس ميشال عون الذي أوصلته بندقية المقاومة لم يكن مجرد زلة لسان، بل هو ثقافة مترسخة من أعلى الهرم الحزبي إلى آخر القواعد الحزبية، والأسلوب المتعالي الذي أفصح فيه الموسوي عن هذه المكنونات، إنما هي الصورة الحقيقية  للشعور بالقوة والتعالي على باقي اللبنانيين.
 
وعليه فإن الاعتذار المكتوب على الورقة والذي تلاه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، لا يعدو أكثر من "إعتذار سياسي" جاف لا يتضمن الرجوع عن جوهر خطيئة الموسوي، التي يمكن أن تتكرر مرة ومرات بحسب اللحظة السياسية، وكأن النائب رعد قال لزميله الموسوي (لقد أخطأت التوقيت، فنحن في زمن التسوية ولا حاجة للبوح بما نعتقد سويا)! 

إقرأ ايضًا: لبنان بديلًا عن فنزويلا

وبالتدقيق البسيط في طريقة الاعتذار ومضامينه يتبين بوضوح أنه موقف سياسي أكثر منه إعتذار بالمعنى الاخلاقي، فبالشكل لم يأت على لسان المخطيء نفسه، وجاء مكتوبًا وليس خارجًا من القلب ويعكس ردة فعل فورية وأتى متأخرًا يومين عن الحادثة مما يوحي بأنه قرار مدروس، بالاضافة الى العبارة الملفتة حين قال رعد: "بأن العبارات التي تخللت الجدال ليست هي لغتنا المعهودة للخطاب والتعبير عن الموقف"!!! وهذا ما لم يشعر به كل المستمعين بل إن ما جاء على لسان الموسوي هي اللغة الوحيدة التي اعتاد عليها منه ومن رعد ومن كل مسؤولي الحزب!! 

الاعتذار السياسي وإن وضع في خانة الممتاز، إلا أنه لا يؤسس لقواعد اختلاف سليمة وحضارية يحتاجه المجتع اللبناني المليء بالتناقضات والإتجاهات والتشعبات الموصولة بصراعات المنطقة.. 

ولا يسعنا إلا القول لحزب الله "برافو " على هذه الخطوة حتى ولو عد هذا الاعتذار "أضعف الايمان".