ماذا بقي من تيار المستقبل بعد استشهاد رفيق الحريري؟ وهل بات إحياء المناسبة بهذا الشكل يليق بقامة الحريري الشهيد؟
 

ضيع تيّار المستقبل الفرص الثمينة والتي أتته على طبق من دم الشهيد، فغرق في وحول التجربة المرّة وسقط على أيدي من تولى أمره من مراهنين ومستثمرين في السياسة لصالح رؤوس أموالهم أو طمعاً بمناصب وبأطعمة وبعطيات الخيرين من أهل المملكة.

لم يتوفر لتيّار هادر قيادة بمستوى مؤسسه ولا بمستوى تمثيله الوطني لذا فوّت الفرص وأضاع الارث وصرف رصيد الرئيس الشهيد، ولذا نزل من سلم الريادة الى الدرجة الأولى من سُلم القيادة ففكفك الجبهة التي اجتمعت حوله بعد أن قبلت طوعاً  قيادات كبيرة بحجم الزعيم وليد جنبلاط والحكيم سمير جعجع والرئيس أمين الجميل أن تكون تحت قيادة المستقبل، وأنهى ثورة الأرز بفورة صغيرة لصالح سلطة محكومة بقبضة القوي وقتل أحلام الحالمين بوطن على شاكلة الشهيد الذي نظر الى البلد بعين الدول المتقدمة والمتطورة.

إقرأ أيضًا: وزراء مكبلون بسلاسل باسيل

عارك المستقبل جميع حلفائه ولم يفتح معركة حقيقية مع أخصامه فتورط بمشاكل جوهرية مع حزبي التقدمي والقوات وامتد غليان العلاقة مع جنبلاط وجعجع لفترات طويله، ويشهد الآن فتوراً مع الاشتراكي بعد حكومة لبى فيها طموحات 8 آذار وما أنصف فيها 14 أذار، وتخلى عن الكتائب لصالح صفقة مع التيّار الحرّ صاحب النصيب الأكبر في الحصص الوزارية الدسمة.

تخبط التيّار مع حركة أمل وحاول أن يقف مع الحرّ في تجرؤ الوزير باسيل على الرئيس بري الذي لم يتخل يوماً عن الشيخ سعد الحريري وفي أحلك الظروف، ولم يكن وفياً لمواقف أمل فخاصمها بتحالف نصفه معلن ونصفه مضمر مع الحرّ ليعيد ثنائية فشلت في حكم لبنان وأدّت الى حرب أهلية من ضمن أسباب أخرى.

في ذكرى الشهيد الرئيس رفيق الحريري نسأل ماذا تبقى منه داخل تيّار المستقبل؟ بعد أن أفسد ما تركه الحريري من أثر عميق في التجربة اللبنانية حتى مناسبة الشهادة باتت أقرب الى الذكرى من الذاكرة وباتت خطابات الرئيس سعد تشبه بعضها البعض من حيث الخلل في ميزان الفعل والقول ولولا رئاسة الحكومة لفقدت الكلمات دورها وموقعها ولاختفى الكثيرون ممن يشهدون ويحيون المناسبة كرمى لموقع رئاسة الوزراء وحدهم فقراء التيّار يأتون من أجل الشهيد رفيق الحريري في حين أن الأغنياء يأتون كما الطامعين بالمسؤوليات كرمى للرئيس سعد الحريري.

إقرأ أيضًا: أجادو بري كيف في يسمعهم

رغم محاولة التيّار الخروج العلني من عباءة الطائفة، الاّ انها غطاءه الوحيد ولولاها لتعرى تماماّ ولاستغنت عنه العربية السعودية بحثاً عن خيار آخر ينقذ ما تبقى من دور مفقود لمكون يشعر بوهن حقيقي وبغبن دفع البعض الى ملاقاة المتطرفين في أكثر من مناسبة، وكاد أن يجرف الجميع لولا غباء المتطرفين وهذه من النعم المخفية ولو انهم أذكياء لحصدوا مكاسب الطائفة كاملة ودون منافس ولتغيرت توازنات القوى في لبنان.

رحم الله رفيق الحريري الذي خسره لبنان والعرب والذي يحتاج الى تيّار بحجم الشهيد لا بأحجام أقلّ وزناً وشأناً ووعياً ومسؤولية وتجربة.