بين الرهان على قمة وارسو واستطلاعات الراي الانتخابية اين بقف نتنياهو؟
 

بدأ اليوم مؤتمر وارسو والذي تعول عليه اسرائيل كثيرا في لجم إيران لكن التقديرات الاعلامية شيء آخر.

وفيما يلي ابرز التقارير الصادرة اليوم.

تقديرات "أمان": "حماس" قد تبادر إلى عملية هجومية واسعة تقود إلى حرب في محاولة للحصول على تعاطف دولي يؤدي إلى تغيير الوضع الإنساني في قطاع غزة

قالت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ["أمان"] إن حركة "حماس" قد تبادر إلى عملية هجومية واسعة النطاق تقود إلى حرب، في محاولة منها للحصول على تعاطف دولي يؤدي إلى تغيير الوضع الإنساني في قطاع غزة.

وجاءت أقوال شعبة "أمان" هذه في إطار تقديراتها الاستخباراتية لسنة 2019 والتي عمّم الجيش الإسرائيلي أجزاء منها على وسائل الإعلام أمس (الأربعاء).

وأكدت "أمان" أنها غيّرت تقديراتها السابقة بأن حركة "حماس" لن تُقدم على شنّ عملية عسكرية أو على الدخول في حرب، وتعتبر الآن أنه في أعقاب عدم رضى "حماس" عن تقدم المحادثات مع الوسطاء المصريين تعتقد الحركة في الوقت الحالي أن من شأن خطوة متطرفة فقط أن تؤدي إلى تغيّر الأوضاع في القطاع.

وأشارت تقديرات "أمان" إلى أن "حماس" قد تطلق صواريخ في اتجاه المدن الإسرائيلية، وقد تعمل من داخل أنفاق، أو قد تقوم بإطلاق قذائف مضادة للمدرعات ضد أهداف عسكرية أو مدنية، في محاولة لإسقاط عدد كبير من الخسائر بهدف جرّ إسرائيل إلى ردّ مختلف عن عملياتها خلال جولات القتال القصيرة. وأكدت أن "حماس" باتت على استعداد لتحمّل مخاطر، ولفتت إلى أن زعيم "حماس" في غزة، يحيى السنوار، يعتبر العمليات المسلحة وسيلة من أجل تحقيق أهداف مهمة لقطاع غزة، ولن يتردّد في الدخول في مواجهة واسعة حتى لو كان الثمن مساً شديداً بـ"حماس" وقواعدها.

وتوقعت "أمان" اندلاع حرب شبيهة بالحربين اللتين اندلعتا في سنتي 2008 و2014، وعدم احتلال القطاع فترة طويلة.

ولم تستبعد تقديرات "أمان" احتمال اشتعال الوضع في مناطق الضفة الغربية أيضاً.

وذكرت مصادر عسكرية رفيعة المستوى أنه في إثر هذه التقديرات، قرر الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، وضع الاستعدادات لحرب في قطاع غزة في رأس سلم أولويات الجيش.

وصادق كوخافي، في الأسبوعين الأخيرين، على عدة خطط حربية لعمليات عسكرية في القطاع بسيناريوهات متعددة، وفقاً لقرار الحكومة الإسرائيلية. وعقد اجتماعات مع قادة المنطقة العسكرية الجنوبية ومع جهات ذات علاقة. كذلك شكّل "مديرية أهداف" تكون مهمتها تحديد أهداف نوعية في القطاع من أجل مهاجمتها. وتضم هذه "المديرية" ضباط استخبارات وضباطاً ميدانيين مهمتهم تحليل نوعية الأهداف وبناء خطة عمل لمهاجمتها.

وقرر كوخافي زيادة عدد بطاريات "القبة الحديدية"، وأن يقوم بتشغيلها جنود في الخدمة النظامية بدلاً من جنود الاحتياط.

من ناحية أخرى قالت تقديرات شعبة "أمان" إن الغارات الجوية الإسرائيلية في سورية أدت إلى تغيير نهج إيران في هذا البلد، وإلى قيامها بنقل جنودها وقواعدها بعيداً عن منطقة الحدود مع إسرائيل إلى منطقة تعتبرها آمنة أكثر بالقرب من العراق.

وأشارت التقديرات إلى أن طهران قد تحاول بناء منشآت عسكرية وصاروخية في العراق، ورأت أن ذلك يُلزم إسرائيل بتكثيف جهودها الاستخباراتية حيال العراق مع احتمال القيام بخطوات عملانية هناك إذا ما تحوّل الانتشار الإيراني إلى تهديد عسكري.

وفي الوقت عينه قالت التقديرات إنه يبدو أن إيران تتبنى موقفاً عدائياً أكثر حيال إسرائيل، كما يدل على ذلك قيامها بإطلاق صاروخ في اتجاه هضبة الجولان الشهر الفائت، رداً على هجوم مفترض نفّذه الجيش الإسرائيلي.

وأفادت التقديرات أن ميل إيران إلى الرد على الغارات الجوية الإسرائيلية تعزز نتيجة حصول الجيش السوري على بطاريات "إس-300" الروسية المتطورة للدفاع الجوي. كما أفادت أن إيران ما تزال ملتزمة بالاتفاق النووي من سنة 2015، الذي وافقت فيه طهران على تقييد تصنيعها المواد النووية في مقابل تخفيف العقوبات، وذلك على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة منه سنة 2017. وفي الوقت عينه أكدت التقديرات أنه في حال انسحاب إيران من الاتفاق يمكنها إنتاج مواد انشطارية خلال سنة، ويمكنها خلال سنة أخرى تحويلها إلى قنبلة. وأشارت إلى أن مسؤولين إيرانيين يدرسون إمكان مخالفة الاتفاق النووي عبر تخصيب اليورانيوم أكثر من الحد المسموح كوسيلة تفاوض.

وأعربت تقديرات "أمان" عن اعتقادها أن فرض العقوبات الأميركية على إيران تسبب مشاكل خطرة للنظام الفقير هناك. وأشارت إلى أن الحكومة الإيرانية تواجه انتقادات شديدة في الداخل بسبب اقتصاد البلد المتدهور، لكنها أكدت أنه لا يبدو أن هناك حركات شعبية لإسقاط النظام في الأفق المنظور.

 

مندلبليت يرفض طلباً من طاقم الدفاع عن نتنياهو لاستجواب شهود إضافيين في تحقيقات الفساد الجارية ضده

 

رفض مكتب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت أمس (الأربعاء) طلباً من طاقم الدفاع عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لاستجواب شهود إضافيين في تحقيقات الفساد الجارية ضده قبل التوصل إلى قرار نهائي بخصوص هذه القضايا.

وقال مكتب المستشار القانوني، في رسالة بعث بها إلى محامي الدفاع عن نتنياهو، إنه لا حاجة في المرحلة الحالية إلى أي تحقيقات إضافية، وأكد أن العمل الذي تم القيام به في هذا الشأن حتى الآن كان شاملاً.

وتعقيباً على قرر المستشار القانوني هذا، قال نتنياهو في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس، إنه من المؤسف أن الضغوط من اليسار والإعلام ستؤدي إلى مسارعة المستشار إلى الإعلان عن جلسة محكمة قبل الانتخابات، بينما ستنكشف الحقيقة خلال عملية المحاكمة بعد الانتخابات. وادّعى نتنياهو أن الاتهامات ضده سوف تنهار خلال المحاكمة.

ودعا نتنياهو عدة مرات مندلبليت إلى عدم إعلان نيته توجيه لائحة التهم ضده ودعوته إلى جلسة استماع قبل الانتخابات العامة التي ستجري يوم 9 نيسان/ أبريل المقبل، نظراً إلى استبعاد احتمال انتهاء الإجراءات القضائية قبل الانتخابات. وتعهّد نتنياهو بمتابعة قيادة الليكود في الانتخابات حتى في حال استدعائه إلى المحاكمة.

كما قدّم محامو الدفاع عن نتنياهو مؤخراً عدة طلبات لإجراء تحقيقات إضافية في القضايا، الأمر الذي يتطلب تأجيل قرار المستشار القانوني بشأن تقديم لائحة اتهام. وفي آخر طلب قُدّم يوم 31 كانون الثاني/يناير الفائت أكد محامو نتنياهو أنه لم يتم جمع أدلة مهمة من شهود مركزيين، وادّعوا أن القيود الزمنية تجبر مندلبليت على اتخاذ قراره بناء على توصيات النائب العام بدلاً من قيامه بفحص الأدلة بنفسه.

ونفى مكتب المستشار القانوني هذه الادعاءات، وأكد أن مندلبليت فحص الأدلة الأصلية بشكل شخصي وأنه تم القيام بكل ما هو ضروري للوصول إلى الحقيقة.

قمة وارسو لن تخلق حلفاً قوياً ضد إيران، لكن ربما تقوي علاقات إسرائيل بالدول العربية

 

تسفي برئيل - معلق سياسي

 

القمة التي ستُعقد اليوم (الخميس) في وارسو، بمشاركة زعماء من الولايات المتحدة، وأوروبا، وإسرائيل، ومن دول عربية، تهدف إلى بناء ائتلاف دولي يضغط على إيران ويجبر الدول الرافضة على الانضمام إلى العقوبات التي فرضها دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر.

كان من المفترض أن تكون إيران نجمة المؤتمر، لكن الاختلافات العميقة في الرأي بين جزء من الدول الأوروبية وواشنطن بشأن مسألة العقوبات أدت إلى أن جزءاً من هذه الدول – مثل ألمانيا وفرنسا - خفّض مستوى تمثيله. ووزير الخارجية البريطاني أعلن أنه سيبقى فترة قصيرة فقط، بينما تركيا، العضوة المهمة في حلف شمال الأطلسي والحليفة لإيران، لم ترسل ممثلاً لها وأعلنت أن سفارتها في وارسو ستتابع المؤتمر. في المقابل أرسلت السعودية والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والأردن، وعُمان وإسرائيل رؤساء دولة أو وزراء خارجية، وسيمثل مصر نائب وزير الخارجية.

لكل واحدة من هذه المجموعات مصالحها الخاصة، ولا تشير مشاركتها إلى القبول أو إلى الاستعداد للعمل معاً ضد إيران. بالنسبة إلى بولندة الدولة المضيفة، تكمن أهمية القمة في الرسالة التي تأمل في أن توجهها إلى روسيا (التي تعتبرها تهديداً استراتيجياً)، بأن الشراكة بينها وبين الولايات المتحدة ما تزال موجودة. كما تتطلع بولندة أيضاً إلى أن تقيم الولايات المتحدة قاعدة عسكرية دائمة على أراضيها، بالإضافة إلى الصواريخ الباليستية المنصوبة فيها. العقوبات على إيران التي تؤيدها لا تهمها بصورة خاصة. السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة يسعون لإقامة آلية عمل دولية أهدافها وصلاحياتها غامضة. إذا كانت الرغبة إجبار إيران على إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد وكبح مشروع الصواريخ الباليستية، معنى ذلك أن هذه الدول تعتبر إيران محاوراً شرعياً يمكن الاعتماد عليها بأن تحترم اتفاقات مستقبلية.

إذا كانت هذه هي نظرتهم إليها، من الممكن التساؤل لماذا انسحب ترامب من الاتفاق بدلاً من الدفع قدماً بمفاوضات أُخرى مع إيران. إذا كانت الرغبة هي بناء ائتلاف واسع مؤيد للعقوبات، يجبر إيران على الخضوع لمطالب الولايات المتحدة من دون مفاوضات - فإن مثل هذا المؤتمر لن يكون مفيداً، لأنه من دون روسيا والصين والعراق يمكن ان تكون الثغرات في العقوبات أكبر من أن تنجح هذه العقوبات في ليِّ ذراع طهران.

لقد أوضحت إيران، التي تعارض بشدة تغيير الاتفاق النووي وأي تدخل في مشروع الصواريخ الباليستية، أنها لا تنوي إجراء مفاوضات بشأن هذين الموضوعين، لأنه في تقديرها أي مفاوضات مع الولايات المتحدة محكوم عليها بالفشل، لأن واشنطن سبق أن أثبتت أنها ليست شريكة موثوق بها في الاتفاقات. أغلبية دول الاتحاد الأوروبي - وفي طليعتها ألمانيا، وبريطانيا وفرنسا التي أدت دور الإشبين الأوروبي للاتفاق - تعتقد أنه يجب ترك الأمور على حالها، ورفع العقوبات عن إيران، وإجراء مفاوضات لتعديل الاتفاق، وبشأن مشروع الصواريخ الباليستية.

حالياً تحاول هذه الدول الثلاث الالتفاف على نظام العقوبات الجديد بواسطة "أدوات لدعم التبادل التجاري" (INSTEX) التي تسمح بالتجارة مع إيران بواسطة شركة تمويل مشتركة لا تستخدم الدولار كعملة في التجارة. هذه الأداة لا يمكن أن تحل محل الاتفاقات التجارية الكبيرة التي وقّعتها إيران مع شركات اوروبية وغيرها بعد الاتفاق النووي. وهي أيضاً لا تساعد إيران على التغلب على الأزمة الاقتصادية - لكنها تشجعها على التمسك بالاتفاق وعدم العودة إلى مشاريع التطوير النووي. في الوقت عينه، يوضح الالتفاف الأوروبي الفجوة العميقة القائمة بين دول الاتحاد الأوروبي وبين واشنطن، والتي ليس باستطاعة حسن الضيافة البولندي التغلب عليها. بهذه الطريقة ومن دون قصد تبني سياسة ترامب كتلة أوروبية - روسية وتوجد اتحاداً دولياً بديلاً للأمم المتحدة. وهاتان النتيجتان يمكن أن تستغلهما إيران.

الرياض والقدس هما الشريكان البديهيان لأي سياسة ضد إيران، لكن هذا لا يعني أن السعودية ورفاقها في مجموعة دول الخليج سيكونون على استعداد لاحتضان إسرائيل - في الأساس بسبب سياستها حيال النزاع مــع الفلسطينيين. كان من الممكن لهــذه القمة أن تشــجع التعاون الإسرائيلي - العربي لو وافقت الولايات المتحدة وإسرائيل على إدخال النزاع في النقاشات، لكن في مثل هذه الحالة كان ثمة شك في أن يحضر نتنياهو هذا المنتدى - تماماً مثلما محمود عباس لم يحضر بسبب مقاطعته الإدارة الأميركية.

بالنسبة إلى نتنياهو هذه مناسبة لأخذ الصور مع زعماء عرب لا يقيمون علاقات رسمية مع إسرائيل - هذه الصور بالتأكيد ستزيّن اللوحات الإعلانية لليكود. ويمكن التقدير أن الهدايا التي سيعود بها من وارسو ستشمل في الأساس كلمات كبيرة وتصريحات فارغة، من دون إنجاز حقيقي في مسألة التهديد الإيراني.

مع ذلك، مثل هذا اللقاء العربي - الإسرائيلي الذي يجري للمرة الأولى منذ القمم الدولية التي رافقت اتفاقات أوسلو في التسعينيات هو حدث إيجابي. أيضاً حتى لو لم يثمر نتائج سياسية محسوسة، مثل إقامة علاقات دبلوماسية أو اتفاقات تجارية، من المحتمل أن يكون هناك تفاهمات من وراء الكواليس تؤدي إلى تبدد المقاطعة العربية الرسمية الجارفة للاتصالات مع إسرائيل، وتقوي أسس اتفاقات القدس الرسمية مع مصر والأردن. المفارقة أنه بفضل إيران - أو بسببها - نشأت بنية سياسية جديدة ما كان لها أن تتبلور لولا المصلحة الاستراتيجية المشتركة بين دول متعادية.

في حمأة الصراع ضد غانتس، نتنياهو يطمس الحدود بين الأمن والدعاية الانتخابية

 

عاموس هرئيل - محلل عسكري

 

في الأيام الأخيرة بذل الجيش جهداً للعودة إلى إسدال ستار من الغموض على سياسة الهجمات الإسرائيلية في سورية. فقد رفض ضباط كبار الرد على الأسئلة بشأن الحادثة التي وقعت بالقرب من حدود هضبة الجولان مساء يوم الإثنين، إذ تحدثت تقارير عن إطلاق نيران المدفعية الإسرائيلية في اتجاه موقع له علاقة بحزب الله. في أعقاب استعادة نظام الأسد الجولان السوري في الصيف الماضي، عاد حزب الله إلى إقامة شبكات إرهاب في المنطقة، على الرغم من تعهد روسي واضح لإسرائيل بإبعاد إيران والميليشيات الشيعية المتماهية معها حتى مسافة 80 كيلومتراً عن الحدود.

صمد الغموض أقل من يوم. مساء أمس، أطلعت إحدى الجهات الصحافيين على ما حدث، وقدمت تفاصيل أُخرى عن الهجوم، في توقيت تزامن مع بداية النشرة الإخبارية في القناة الـ12. بعد مرور ساعتين، وعلى سلم الطائرة التي ستقله إلى مؤتمر وارسو، كان رئيس الحكومة نفسه، الذي تحدث عن الهجوم علناً. قال نتنياهو رداً على سؤال: "نحن نعمل يومياً، بما في ذلك بالأمس، ضد إيران ومحاولاتها التمركز في المنطقة".

هذه هي المرة الثانية خلال شهر التي يتصرف فيها نتنياهو بهذه الطريقة. في منتصف كانون الثاني/يناير، وبعد الهجوم الإسرائيلي على مخازن إيرانية في مطار دمشق (وبعد أن تطرق رئيس الأركان المنتهية ولايته، غادي أيزنكوت، بالتفصيل إلى سياسة الهجمات في مقابلة نشرتها النيويورك تايمز)، تحمّل نتنياهو في بداية جلسة الحكومة مسؤولية الهجوم.

يمكن الإدعاء إن سياسة الغموض لم تعد مهمة، وتحقيق الهدف منها ميؤوس منه سلفاً، إذا أخذنا في الحسبان أن الغموض أُزيل مرات عديدة في السنوات الأخيرة. والأكيد أنهم في طهران وفي قيادة حزب الله يعرفون بدقة متى يتحرك الجيش الإسرائيلي ضدهم ومتى لا يتحرك. لكن المشكلة المركزية مختلفة. لا يستطيع نتنياهو أن يمسك بالعصا من طرفيها- في البداية منع الجيش من الكلام وتقريباً فور ذلك يفشي السر بنفسه، على خلفية اعتبارات انتخابية واضحة للعيان.

كلام رئيس الحكومة بالأمس يصف ما يميّز حالة الهيجان التي سيطرت على حملة الليكود كله. أمثلة جزئية من الأسابيع الأخيرة: أقوال مشكوك فيها للجنرال قاسم سليماني سُربت إلى صحيفة في الخليج قيل في وقت سابق أنها تُستخدم كقناة دعاية من قبل نتنياهو - وجدت طريقها فوراً إلى دعاية الليكود؛ نتنياهو يهدد بتدمير إيران رداً على تهديدات مشابهة من طهران؛ نتنياهو يصور نفسه في فيلم وهو في طريقه لزيارة سلاح البحر، ويشكو من أشخاص غامضين ("هم") يمنعونه من نشر صور له مع جنود (ومع ذلك ينشر صوراً)؛ في حساباته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي يشن هجوماً شرساً وكاذباً على منافسه، رئيس الأركان السابق بني غانتس، الذي "تخلى عن جرحى في قبر يوسف"؛ وحالياً - رفع الغموض عما يجري في سورية.

الأمر المهم الذي يمكن أن نمدح به نتنياهو، أنه طوال عشر سنوات متواصلة من حكمه تصرف في الساحة الأمنية - وخصوصاً في الجبهة الشمالية - بكثير من الحذر والمسؤولية. لقد حافظ رئيس الحكومة على المصالح الإسرائيلية، وعلى الرغم من المرات التي اقترب فيها بصورة خطرة من حافة الهاوية، حاذر أن يورط الدولة في حرب لا لزوم لها، على الرغم من الاضطرابات العنيفة التي تسببت بها أحداث الربيع العربي، والحرب الأهلية في سورية. لكن يبدو أنه في حمأة الصراع ضد غانتس، ومن خلال الجهد الذي يبذله لتصوير المعركة الانتخابية كمعركة "يمين قوي ضد يسار ضعيف"، وربما أيضاً تحت وطأة اقتراب التهديد بإعلان توجيه لائحة اتهام من قبل المستشار القانوني للحكومة، يزداد لدى نتنياهو الميل إلى طمس الخطوط التي تفرق بين الأمن والدعاية.

سياسياً، قد يبدو أن هذا الرهان يمكن أن يثبت جدواه، كما جرى في المعارك الانتخابية السابقة. ولكن أمنياً، يمكن أن يكون لعبة خطرة: سواء بالنسبة إلى الضرر المتراكم الذي تخلقه الرسائل المتناقضة المرسلة من المستوى السياسي إلى الجيش، أو الاستفزازات المتكررة لإيران وسورية. تقول إسرائيل، ويبدو أن هذا صحيح إلى حد بعيد، أنها نجحت حتى الآن في لجم تطلعات إيران للتمركز العسكري في سورية. وكما هو معروف، في طهران لا يعترفون بفداحة الضرر الذي تكبدته عناصر الحرس الثوري جرّاء الهجمات الإسرائيلية. لكن المباهاة المتكررة بالهجمات من شأنها أن تقنع الإيرانيين بأن عليهم العودة إلى الرد، كما حاولوا أن يفعلوا بإطلاق صاروخ من سورية جرى اعتراضه فوق جبل الشيخ في نهاية كانون الثاني/يناير.