نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا لكل من الصحافية مليسة اتحاد والصحافي رامين مستقيم، يقولان فيه إن أربعين عاما مرت على اتحاد الإيرانيين للإطاحة بالشاه.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تحركات المعارضة أصبحت واضحة عام 1975، لافتا إلى أن الشاه محمد رضا بهلوي، الذي أعيد إلى العرش عام 1953، بعد أن ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية في الإطاحة برئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق، اتخذ إجراءات قاسية لقمع المعارضة.

ويلفت الكاتبان إلى أنه استبدلت بالنظام السياسي القائم على حزبين في إيران مؤسسة سياسية واحدة، وقلل من دور الإسلام في الحياة العامة، واستخدم مخابراته الداخلية "السافاك" لسجن وتعذيب المعارضين، مشيرين إلى أن المظاهرات في الشوارع بدأت في أيلول/ سبتمبر 1978، حيث اصطدم الإيرانيون من الخلفيات كلها مع القوات المسلحة في طهران، العاصمة، وتم قتل المئات.

وتذكر الصحيفة أنه بحلول كانون الثاني/ يناير 1979، وبعد سلسلة من المظاهرات الدموية، فر الشاه إلى مصر، وفي 1 شباط/ فبراير عاد رجل الدين المتشدد آية الله الخميني إلى طهران من المنفى، مشيرة إلى أنه مع أن اليساريين اتحدوا مع الشيعة المحافظين للإطاحة بالملكية، إلا أن نفوذ الخميني هو الذي سيطر في النهاية، ومع حزيران/ يونيو 1979، تم استبدال الملكية العلمانية المؤيدة لأمريكا بالجمهورية الإسلامية.

ويجد التقرير أنه مع أنه تم انتخاب عدد من الإصلاحيين والسياسيين المعتدلين لحكم إيران على مدى العقود الأربعة الماضية، إلا أن المتشددين والمحافظين أصبحوا في السنوات الأخيرة أكثر تخوفا من التأثير الغربي، ونتيجة لذلك شنوا حملات ضد من يعدونهم أعداء للدولة.

ويورد الكاتبان نظرة إلى ما تغير وما لم يتغير منذ 11 شباط/ فبراير 1979، وهو اليوم الذي يعد بداية الثورة، وجاءت على النحو الآتي:

الحريات الاجتماعية

ابتداء من الأيام الأولى كانت الجمهورية الإسلامية معارضة لأي شيء نظر إليه على أنه غربي، وفقدت النساء حق تطليق أزواجهن، وفرض عليهن لبس الحجاب في المناطق العامة.

 

وحرية التعبير بالكاد تحسنت على مدى الأربعة عقود الماضية، وفي عام 2018 اعتقل 7000 ناشط سياسي وغيرهم ممن ينتقدون الجمهورية الإسلامية، بحسب دراسة لمنظمة العغو الدولية، تم نشرها الأسبوع الماضي، وأكثر من نصف من اعتقلوا شاركوا في المظاهرات التي اجتاحت إيران ضد الحكومة في 2017 و2018.

وتنقل الصحيفة عن مدير الأبحاث والدفاع المتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيليب لوثر، قوله: "حجم الاعتقالات وعقوبات الجلد يكشف المدى المفرط الذي ذهبت إليه السلطات لقمع المتظاهرين السلميين". 

الشعب

 

الشعب الإيراني أصبح هرما، فاليوم عدد الشباب أقل مما كان عليه قبل الثورة؛ وذلك لأن الاضطرابات الاقتصادية والبطالة العالية تسببتا بتأخير الشباب في تكوين عائلة.

وهرم الشعب بسرعة سيؤدي إلى ضغط على نظام الرعاية الاجتماعية، ولذلك قام القائد الأعلى آية الله علي خامنئي بحث النساء على إنجاب المزيد من الأطفال، فهو يريد الشعب أن ينمو من 82 مليونا إلى 150 مليونا.

 

وإن لم يحصل تغيير فإنه يتوقع ارتفاع متوسط العمر إلى ما بين 27 و40 عاما مع حلول عام 2030، بحسب الأمم المتحدة، وقبل عام الثورة بعامين في 1977 كان 44.5% من الشعب 25 عاما أو أصغر، وبقي هذا التوجه بعد الثورة لتشجيع المسؤولين الناس على الإنجاب، ونتيجة لذلك تضاعف عدد السكان خلال عقد إلى 55 مليونا، وزاد 27 مليونا عن عام 1968، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وقامت الجمهورية الإسلامية بعد ذلك بعكس هذا التوجه، وطبقت واحدة من أكثر سياسات الحد من النسل في العالم، وأدت السياسة إلى انخفاض سريع التكاثر، وهذا مضافا إليه الوضع الاقتصادي الصعب يجعلان مستقبل إيران يبدو سيئا، فمع شيخوخة طبقة العمال سيعاني برنامج التقاعد العام.

الاقتصاد

تأثر الإيرانيون من الطبقة المتوسطة والفقراء في القرى في السبعينيات من التوزيع غير العادل للثروة الناتجة عن النفط، في الوقت الذي استفادت منه النخبة.

وللوصول إلى الفقراء، بمن فيهم اليساريون، فإن الثورة سعت إلى وضع حد للقطاع الخاص، وأرادت توزيع الثروة بشكل أعدل، لكن الأمور لم تصبح أسهل بعد عام 1979، فالثورة عطلت بشكل كبير نمط التجارة والاستثمار في إيران، حيث تم تأميم البنوك وشركات التأمين، وتفاقمت المشكلة في ثمانينيات القرن الماضي؛ بسبب التكلفة العالية للحرب العراقية الإيرانية.

 

ووصولا إلى عام 2018، فإن سوء الإدارة والفساد تحت حكم آية الله خامنئي لا يزالان يشكلان أكبر مشكلة لإيران، ويصل معدل البطالة إلى 12%، بحسب الإحصائيات الرسمية من مركز الإحصاء الإيراني.

 

أما بالنسبة لمن يحملون شهادات جامعية، فإن الوضع صعب أيضا، ففي عام 2018، كان هناك أكثر من 25% من حاملي شهادة البكالوريوس وما بعدها دون عمل، بحسب عدة وكالات أنباء شبه رسمية في إيران.

التعليم

تحسن التعليم والقراءة بشكل كبير على مدى العقود الأربعة الماضية، فمنذ عام 2012 وصل مستوى القراءة والكتابة بين النساء والرجال في إيران إلى 98%، بحسب الأمم المتحدة، وكانت أكثر من 60% من النساء أميات عام 1978.

وأصبح عدد النساء اللواتي يدرسن في الجامعات أكثر مما كان عددهن قبل الثورة، فأصبحت نسبة الطالبات في الجامعات أكثر من 60%، بحسب مركز الإحصاء، لكن هذا لا يعني تحسنا في مشاركة النساء في القوة العاملة، فبحسب البنك الدولي فإن نسبة 17% من القوة العاملة الإيرانية هي من الإناث.

البيئة

في الأربعة عقود منذ الثورة جفت بحيرات، واختفت بحيرات ضحلة، وهناك تهديد للحياة البرية.

ومع أن سوء إدارة الموارد المائية يعود إلى ما قبل من 1979، عندما أصبحت الصناعات تعتمد كثيرا على الماء، وبنيت العديد من السدود، إلا أن الوضع ساء عندما تضاعف عدد السكان خلال عقد بعد الثورة، وأدى سعي المسؤولين الحكوميين إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي دون إصلاح قطاع الزراعة غير الفعال، خاصة زراعة القمح، إلى مفاقمة أزمة المياه.

وسيست القضايا البيئية مؤخرا بسبب اعتقال عدد من الناشطين البيئيين عام 2018؛ بسبب تشكيكهم في سياسات الحكومة الزراعية، وأدى نقص المياه، وتراجع الموارد الطبيعية، وسوء إدارة الحكومة لاندلاع المظاهرات في غرب إيران عام 2017.

ويستمر وزير الزراعة الإيراني، محمود حجتي، بالتفاخر بالإنتاج الزراعي الإيراني، ويقول: "قبل الثورة عام 1979 كان مجموع إنتاج الحبوب 26 مليون طن، وأصبح الآن 122 مليون طن".

وتلوث الهواء في إيران يبعث على القلق، فبحسب تقرير للبنك الدولي، فإن نوعية الهواء في إيران هي من بين أسوأ البلدان في العالم، ففي الوقت الذي يقوم فيه المسؤولون بمناقشة السياسات البيئية، فإن الشعب يعاني من الآثار المترتبة.

وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن جفاف بحيرة أورمية المالحة، وزيادة تلوث الهواء في عاصمة الأهواز، أديا إلى دخول عدد من السكان إلى المستشفى بسبب مشكلات في التنفس.