كان مزهواً نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي بترؤسه جزءاً من جلسة مناقشة البيان الوزاري. طلب الرئيس نبيه برّي من الفرزلي ترؤس الجلسة، لاضطراره إلى الخروج إلى مكتبه الخاص، للقاء الموفد الملكي السعودي نزار العلولا. استجاب الفرزلي ببهجة واضحة، وزهو تام. هذا ما أتاح له استخدام مطرقة الرئاسة بطرقتين لمرّة واحدة، حين أعلن فيها رفع الجلسة إلى الساعة السادسة مساء.

مع ذلك، وبسهولة، يظهر الفارق بين الحيوية التي يضفيها برّي خلال ترؤسه الجلسات، والملل الذي يتغلّب على النواب إن غاب. يضفي برّي لمسته الضاجّة على المطرقة. لكنته المدوية، لها وقعها وأثرها، وبخاصة حين يتعاطى بأستذة مع النواب، القدماء منهم والجدد. يتوجه إلى هذا بمنعه عن استخدام الهاتف، "لأن التلفون ممنوع يا زميل، شيل التلفون من إيدك، التلفون ممنوع هون."

خفوت الوهج 

يعرف برّي جيداً، التوقيت الذي يختاره للتدخل في لحظة تساجل بين نائبين. يلجأ إلى المطرقة سريعاً، وإلى التأنيب الكلامي، يبدو كأستاذ يتعامل مع تلاميذ بصفوف مختلفة. يوجّه هذا، ويؤنّب ذاك. يدعو نائباً إلى احترام موقعه وعدم مقاطعة زميله، ويسجّل تحفّظه على الأسلوب الذي يتحدّث به نواب آخرون يسارع إليهم قائلاً: "شو هالحكي هيدا، عفاكم عفاكم". جلوس الفرزلي على كرسي برّي، لا يبدو ملاحظاً بلا عدسة الكاميرا. حضور برّي يبرز من كيفية سير الجلسة، والحيوية التي تكون عليها القاعة العامة. ما إن اعتلى الفرزلي كرسي الرئاسة، خفت الوهج. وبعض النواب شعروا بمزيد من الملل، فغادروا. بينما كان برّي قد طلب منهم عدم المغادرة قبل الساعة الثالثة النصف، كما طالبهم بعدم الارتباط بمواعيد يومي الجمعة والسبت، لاستكمال مناقشة البيان الوزاري.

الغريب في هذه الجلسات، أنها طالت، وبما أن برّي قد أشار إلى إمكانية عقد الجلسات يومي الجمعة والسبت، فهذا يوضح الفارق الزمني بين هذه الجلسات، وجلسات المناقشة في الحكومة السابقة، التي انتهت بنيل الحكومة الثقة بيوم واحد. لم يحتج يومها المجلس النيابي إلى أكثر من تلك الساعات للإنتهاء من المناقشات، على الرغم من أن الكلام نفسه معاد ومكرر. وفي قراءة سريعة لجلسات ثقة حكومة الحريري الأولى في عهد الرئيس ميشال عون، وهذه الجلسات، يستعيد المرء مضمون الكلمات ذاته، كالإفتتاحية التي بدأها الحريري لطلب نيل الثقة لحكومته، وبأنه يريد حكومة أفعال لا أقوال، العبارة نفسها استخدمها في الجلسات السابقة. والوعد نفسه الذي أطلقه برّي ينطبق الآن بأنه سيخصص جلسة كل شهر لمحاسبة الحكومة وتأكيد مراقبة عملها.

كلمات النواب، كانت نسخة طبق الأصل عن كلمات نواب اليوم الأول من الجلسات، السجالات الجانبية كما اللقاءات بين الخصوم، وحدها التي بإمكانها إحداث الفوارق. كالمسامرة بين النائب نواف الموسوي والوزير مي شدياق. لكن الموسوي ما برح أن دخل بسجال مع نائبيّ الكتائب، سامي الجميل ونديم الجميل. ما دفع برّي إلى التدخل أكثر من مرّة فيما بينهم.

الكتائب وحزب الله

قال الجميل إنه لن يعطي الحكومة الثقة سلفاً :"لأن ما رأيناه لا يعطينا الثقة". وسأل "هل هذه الحكومة هي حكومة حزب الله؟"، معتبرا ان "حزب الله فرض شروطه على تشكيل الحكومة، وحجّم حصة القوات وسحب الثلث المعطل من رئيس الجمهورية". ورأى ان "حزب الله هندس هذه الحكومة ولا يمكن اعطاءها الثقة سلفاً لانها استمرارية لحكومة فشلت، و80 في المئة من الوزرارات يستلمها الافرقاء ذاتهم". هنا علق عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي على كلمة قائلا ً:"كل شخص يريد أن يسلط الضوء على نفسه يتهجم على حزب الله". وتوجه الموسوي إلى بري بالقول: "لنا الحق في الرد على كل من يتهجم علينا"، معتبرا أن "الرئيس ميشال عون وصل إلى قصر بعبدا ببندقية المقاومة التي تشرف كل لبنان، ولم يصل عبر الدبابة الاسرائيلية".

وبعدما قال الجميّل إنّ "حزب الله" هو المقرر الأساسي في الحياة السياسية اللبنانية، وهو من أوصل الرئيس ميشال عون إلى بعبدا، مستشهداً بكلام وزير الخارجية جبران باسيل خلال الذكرى الـ13 لاتفاق مارمخايل، ردّ الموسوي على الجميّل مقاطعاً: "من المشرف أن يصل العماد عون إلى الرئاسة بدعم من بندقية المقاومة في حين وصل غيره على ظهر الدبابة الإسرائيلية".

فدخل النائب نديم الجميل على خطّ السجال قائلاً: "أنتم نثرتم الأرزّ على الجيش الإسرائيلي عندما دخل إلى لبنان"، فرد الموسوي مجدداً قائلاً: "حجمكم دبابة إسرائيلية يخرقها صاروخ الكورنيت". فما كان من نديم الجميّل إلا أن قال: "الرئيس بشير الجميّل انتخب في البرلمان اللبناني وهو رئيس لبنان". ليضيف سامي الجميل أن كلام الموسوي بات في عهدة "الرئيس ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل". وبعد انتهاء الجميل من كلمته، قال الموسوي إنه سيتعالى عن الصغائر ولن يردّ.

جمعية البكم

ملفات البيئة، وفرص العمل، والوضع المالي، وعمليات التوظيف السياس العشوائي في إدارات الدولة، كلها كانت حاضرة في جلسة المناقشات، وكذلك ملف الكهرباء، الذي استفز الوزير سيزار أبي خليل، عند تناول النائب أنور الخليل لملف الكهرباء والتلزيمات بالتراضي، وكيف أنه بشحطة قلم في كتبه، غيّر قراراً لمجلس الوزراء، بعد آخر جلسة عقدتها الحكومة المستقيلة. وقد اعتبر الخليل إن التصرفات تجري وكأنه ليس هناك مجلس لإدارة مؤسسة كهرباء لبنان، فعلّق برّي قائلاً إن: "جمعية البكم لديها مجلس إدارة، ومؤسسة الكهرباء لا مجلس إدارة لديها".