يا خوفنا من أن تُعرقبنا حكومة إلى العمل فلا نجد بين أيدينا سوى حسرات الانتظار، وخيبات الآمال، وهم يجذّون أموال سيدر جذّا
 

أولاً: مطاردة شبح الفساد...

يبحث نواب الأمّة اللبنانيون تحت قبّة البرلمان عن شبح الفساد، وهو إمّا قابعٌ في مقاعد الوزراء، أو جالسٌ في كراسي النواب، يهاجمونهُ وهو أقربُ إليهم من حبل الوريد، يأكلون من خيراته، ويتنعّمون ببركاته، يُساكنونه في الخفاء ويلعنونه في العلن، أو كما يقول المثل الشعبي:"يأكلون خبزاته ويسبّون صلاته"، يعرفون كما يعرف القاصي والدّاني من نهب وينهب أموال الكهرباء، ومع ذلك فهو أحد ثلاثة: الغول والعنقاء والخلُّ الوفي، يعرفون من تسبّب بأزمة النفايات ويُجهّلونه، يعرفون بالاسم من يمنع توظيف الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، ومع ذلك يتحاشون ذكر اسمه، فهو وليُّ العهد، ولعلّه يحظى بما لم يحظ به وليّ عهد المملكة محمد بن سلمان دام ظلُّه، يعرفون بالأسماء والعناوين الذين يحتلّون الأملاك البحرية، ومع ذلك يسمحون لهم بالاستمرار في نهب المال العام، يعرفون بالأسماء والعناوين الذين يفوزون بصفقات "التراضي" المشبوهة والمُعيبة، ومع ذلك يتركونهم يسبحون في نعيم الملايين "المهدورة". يعرفون من يعيثُ فساداً في الإدارات العامّة والمصالح المستقلّة، ومع ذلك لا حسيب ولا رقيب ولا تطهير ولا من يُطهّرون.

خطابات وعنتريات من فوق منبر المجلس النيابي، الذي يئنُّ تحت وطأة الدّجل والنّفاق والخداع وتزوير الحقائق، يبحثون بلا طائلٍ في بيانٍ وزاريّ فارغٍ من مضمونه، ومع ذلك يُخاطبون دولة رؤساء بكلامٍ لا يُقدّم ولا يؤخّر ولا يفكُّ مغيصاً عند اللبنانيين الصابرين الذين يكتفون بهزّ الرأس ومطّ الشفتين والإكثار من الحوقلة (لاحول ولا قوّة إلاّ بالله) والتّصبُّر (إنّ الله مع الصابرين).

إقرأ أيضًا: الخمينيّة بعد أربعين عاماً، هل باتت على مشارف النهاية؟

ثانياً: الوعود "العرقوبيّة" ...

بانتظار الوعود بالرخاء والهناء مع أموال "سيدر" المقدرة بسبعة عشر مليار دولار، ينام اللبنانيون ملء عيونهم على أمل تحقيق هذه الوعود ولو بالحدّ الأدنى، مع خوفهم الدائم من أن تنقشع الرؤية عن مواعيد "عرقوب". وعرقوب هذا على سبيل العلم والتّذكُّر، وكما قيل عنه واشتهر به، كان رجلاً من العماليق، أتاهُ أخٌ له يسأله شيئاً، فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النّخلةُ فلك طلعها، فلما أطلعت أتى الرجلُ أخاهُ للعدّة فقال: دعها حتى تصير بلحاً، فلما أبلحت اتاهُ، فقال عرقوب: دعها تصير زهواً. حتى لمّا أزهت ، قال له: دعها حتى تصير تمراً، فلمّا أثمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجذّها ولم يُعط أخاهُ منها شيئاً.

يا خوفنا من أن "تُعرقبنا" حكومة "إلى العمل" فلا نجد بين أيدينا سوى حسرات الانتظار، وخيبات الآمال، وهم "يجذّون" أموال سيدر جذّا.