فيما تتجه أنظار المجتمع الدولي لمراقبة الخطوات التي قد تتخذها الحكومة لإصلاح قطاع الكهرباء، يبدو انّ الحكومة ستواجه قريباً أزمة العتمة، ولن يكون أمامها سوى إعطاء سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لتستكمل بذلك النهج الذي كان متّبعاً سابقاً من دون اي خطوة اصلاحية حتى الآن.
 

تدنّت أمس القدرة الانتاجية لمؤسسة كهرباء لبنان من 1900 ميغاوات والتي كانت تؤمّن 18 ساعة تغذية، الى 1300 ميغاوات راهناً اي بما يوازي 12 ساعة تغذية يوميا، على ان يتواصل التراجع في التغذية تدريجاً في الايام المقبلة لتحلّ العتمة الشاملة في كل المناطق اللبنانية مطلع الاسبوع المقبل، في حال لم يتم توفير سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول اللازم.

إنها دوامة أزمة الكهرباء التي يعانيها لبنان منذ العام 2008 بسبب التجاذبات السياسية، لكن وتحت ضغط العتمة، يعود المعنيون ويوقّعون قراراً او مرسوماً يسمح بإعطاء المؤسسة المزيد من سلفات الخزينة لتغطية عجزها. وفي هذا السياق، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنّ التحويلات المالية إلى مؤسسة كهرباء لبنان بلغت 3.8 بالمئة في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2008 إلى 2017.

وفي المعلومات، قالت مصادر مطلعة في مؤسسة كهرباء لبنان لـ»الجمهورية» انه جرى التواصل مع المؤسسة من أجل توفير سلفة بقيمة 800 مليار ليرة لتأمين الانتاج حتى نهاية نيسان، الّا انه جرى خفض هذه القيمة الى النصف لاحقاً، ووعدت المؤسسة بسلفة قيمتها 400 مليار ليرة تؤمّن التغذية حتى منتصف شهر آذار، وذلك عبر إصدار مرسوم يوقّعه كل من رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير المالية علي حسن خليل، ووزيرة الطاقة ندى البستاني، كما يمكن ان يصدر هكذا قرار عن الحكومة. لكن في جميع الاحوال، فإنّ اي قرار بهذا الخصوص لم يصدر بعد.

وأملت المصادر الاسراع في إيجاد حل لموضوع فتح الاعتمادات لبواخر الفيول اويل والغاز اويل من قبل المراجع المعنية، لأنّ مخزون المحروقات بدأ بالنفاد. ومن المتوقع، في حال بقيت الامور على ما هي عليه، إطفاء كل معامل الانتاج مطلع الاسبوع المقبل. امّا في حال فتح الاعتمادات المستنديّة اللازمة فإنّ 5 بواخر راسية قبالة الشاطئ اللبناني ستبدأ بتفريغ حمولتها.

واعتبرت المصادر انّ المشكلة التي تواجهها المؤسسة هذه المرة تكمن في تفاوت آراء الاطراف السياسية حول إعطاء هذه السلفة من عدمه، اي بين الرافض والمؤيّد لها.

ورداً على سؤال، أكدت المصادر انه لا يمكن خلق توازن مالي في المؤسسة قبل 24 الى 36 شهراً من أجل توفير كهرباء بشكل مستدام، وذلك عبر السير بخطة الكهرباء: مثل تأمين خطوط النقل، استكمال إنشاء المحطات، تشغيل معمل دير عمار، إنشاء معملي سلعاتا والزهراني.

أمّا أسرع حل يمكن اعتماده من أجل توقف مؤسسة كهرباء لبنان عن الاستدانة، فيكمن في السماح لها برفع سعر تعرفة الكيلوات وتوفير المؤازرة الامنية للمؤسسة من أجل قمع المخالفات، والتي تستحوذ على ما بين 25 الى 30 في المئة من إنتاج المؤسسة. ومعلوم انّ النسبة الاكبر من التعديات هي في منطقة البقاع يليها الشمال فالجنوب، جبل لبنان الجنوبي، جبل لبنان الشمالي فبيروت.

ولفتت المصادر الى انه بالاستناد الى قانون التجارة، يحق لمؤسسة كهرباء لبنان ان تبيع الميغاوات التي تنتجها في الايام العادية اي الـ 1900 ميغاوات بسعر الكلفة اضافة الى ربحها، فإذا اعتمدت المؤسسة هذا الحل تسد عجزها وبالتالي تنتفي الحاجة الى سلفات. ومعلوم انّ المؤسسة تبيع الكيلوات اليوم بـ 130 ليرة فيما تطالب مؤسسة كهرباء لبنان السماح لها بتحديد تعرفة شبيهة بالتي يعتمدها اصحاب المولدات اي 335 ليرة/ميغاوات، أو تمكين المؤسسة من السير بتسعيرة مضاعفة اي 270 ليرة شرط قمع المخالفات، ويكون ذلك كافياً لتأمين التوازن المالي.