تتفاعل الأوساط الاقتصادية والمصرفية بإيجابية حذرة مع «تسريب» معلومات عن توافق داخلي يقضي بتمكين الحكومة من تحقيق انطلاقة قوية في الشأن المالي العام، تشمل الإنجاز السريع لمشروع موازنة العام الحالي، مع تضمينها بنودا إصلاحية تخص القطاع العام لجهة التوظيف وكلفة الرواتب والتعويضات، والمقاربة الجدية لملف الكهرباء الذي يستنزف أكثر من 1.5 مليار دولار سنويا من الخزينة.

وبحسب المعلومات، ستعمد الحكومة في أولى جلساتها - بعد نيل الثقة هذا الأسبوع - إلى إظهار جدية في التزام البنود الإصلاحية التي قدمتها الدولة اللبنانية إلى مؤتمر «سيدر1»، وبما يشمل إمكانية اللجوء إلى إجراءات متكاملة سريعة تهدف إلى تحسين التغذية الكهربائية بالتزامن مع رفع أسعار الاستهلاك، والحزم في منع التوظيف في القطاع العام، والنظر في تفاقم تكلفة التعويضات والتقاعد، وإمكانية فرض ضرائب جديدة على المحروقات. وهذا ما يبعث برسائل مطمئنة للمؤسسات المحلية التي تعاني من تراكم الإرباكات السابقة، وإلى المؤسسات المالية الدولية التي بلغت حد التنبيه من مسار الانهيار المالي وتداعياته، واضطرت مؤسسة «موديز» مؤخرا إلى خفض التصنيف السيادي من الدرجة B إلى الدرجة C.. واعتبرت الأخيرة لاحقا أن تشكيل الحكومة عاملاً إيجابياً للمخاطر الائتمانية في لبنان، إذ سيسهل الاستفادة من 11 مليار دولار من القروض الميسرة والمنح حصدها مؤتمر «سيدر».

ويسود الترقب في الأسواق المالية اللبنانية بعد استنفاد مفعول جرعة الانتعاش التي خلفتها الانفراجات الداخلية، والتي تكفلت بتعويض الجزء الأكبر من الخسائر الموجعة التي تلقتها أسعار سندات الدين الدولية (يوروبوندز). بينما تتواصل معاناة بورصة بيروت في تسجيل المزيد من الانحدار في القيمة الرأسمالية الإجمالية قريبا من عتبة 9 مليارات دولار، في ظل تداولات محدودة على الأسهم، رغم تدنيها عن قيمها الدفترية بنسب تراوح بين 10 و40 في المائة.
ويتوقع أن تنحو معدلات الفوائد على الودائع والتسليفات لدى المصارف إلى الانخفاض النسبي، في ضوء انحسار الضغوط السياسية وتعميم أجواء التفاؤل بإيلاء اهتمام استثنائي للملف الاقتصادي والمالي، والذي بلغ حدود الانهيار في مجالات متعددة قبيل تأليف الحكومة الجديدة. ويعزز هذه التوقعات تحول النشاط في سوق القطع من الطلب على الدولار لصالح العملة الوطنية، بعد أشهر من التحويلات الصافية لصالح العملات الأجنبية رفعت نسبة الودائع بالدولار إلى 71 في المائة من الإجمالي.

وقد ترك التشكيل الحكومي وإقرار البيان الوزاري ارتداداتٍ إيجابية على سوق سندات الدين الدولية المصدرة من الحكومة اللبنانية.