وهُنا نتساءل هل حققت الثورة الإيرانيّة فعلا أهدافها؟
 
عمّت مشاهد الإحتفالات، العاصمة الإيرانيّة طهران، في ذكرى الثورة الـ 40، في ظلّ جدل حول نصيب النتائج من الأهداف، خصوصًا وأنّ شريحة من الإيرانيّين يتحدّثون عن إستقلال إيران الذاتي وإنتفاضتها على التبعيّة الغربيّة، في المقابل يرى البعض أنّ السياسة الإيرانيّة المتّبعة أوصلت العملة إلى الهاوية، فضلًا عن التضييق على الحرّيّات.
 
لا شكّ أنّ إيران ما قبل الثورة ليست كما بعدها، وفي ظلّ مرور 40 عامًا على الثورة الإسلاميّة بقيادة رجال الدين، والتي أزاحت الشاه من السلطة حيثُ أعلنت عندها الجمهوريّة الإسلاميّة في 11 شباط 1979.
 
تواجهُ إيران، تحدّيات كثيرة على الساحتين الداخليّة والخارجيّة، بدايةً من الساحة الداخليّة، يواجه الشعب الإيراني ظروف إقتصاديّة صعبة وقاسية وتردّي في الأوضاع الإجتماعيّة، أمّا على الساحة الخارجيّة تخوض إيران صراعات في الإقليم من جهة و تتحمل توترات وتداعيات برنامجها النووي مع الولايات المتحدة الأميركيّة والدول الأوروبيّة.
 
 
تأثّرت السياسة الداخليّة كثيرًا بالأزمات الإقتصاديّة التي تمرُّ على إيران، خصوصًا وأنّ الشعب الإيراني اليوم لم يُعايش الثورة وغايته أن تُحلُّ كافّة الأزمات التي تحاوط ببلاده وأهمّها ما يخصُّ العقوبات الأميركيّة المفروضة عليهم.
 
ويخوضُ النظام الإسلامي في إيران تحدّيًا يتعلّق بالتحوّل في الأجيال، فالشباب الإيراني تختلفُ رؤيته وتطلّعاته في مستقبل إيران وموقعها عن رؤية أجداده الذين أحدثوا الثورة الإسلاميّة، أمّا بالنسبة للشباب الذين ينشطون في المسيرات الإحتجاجيّة، يرون أنّ العقوبات تؤثّرعلى الإقتصاد بقوّة، وهي ليست إلّا عواقب سياسة طهران في الشرق الأوسط.
 
يختلف الكثير من الإيرانيين مع سياسة طهران في الشرق الأوسط، إذ يتساءل الناس عن وجوب إنفاق عائدات النفط الإيراني على حزب الله اللبنانيّ أو عن نظام الأسد في سوريا، لاسيّما وأنّ إيران في حاجة لهذه الأموال. وخلال الإحتجاجات الأخيرة التي حصلت في أوروبا، ردّد المحتجون:"لا غزة ولا لبنان.. أضحي بحياتي من أجل إيران".
 
وشملت حالة الإحتقان كل شرائح المجتمع، خصوصًا بعد الاختلاسات والفساد المالي الذي ينخر جسد النظام من الداخل والذي جعل المواطن العادي يشعر بالخذلان من جراء سياسة النظام الخارجيّة والإقتصاديّة. 
 
وتأثرت كثيرًا ظروف المعيشة في ظلّ العقوبات المفروضة، مما جعل المرشد الأعلى علي خامنئي يصبّ تركيزه على وجوب بلوغ الإقتصاد المقاوم، الذي لا يعتمد على عائدات النفط، ويهدف إلى تحقيق إكتفاء ذاتي، وهو الأمر الذي لم يتحوّل إلى واقع عملي بعد.
 
تُدركُ جيّدًا القيادة الإيرانيّة خطورة المشهد الداخليّ، خصوصًا بعد ما مرّت به في السنوات المُنصرمة، تحديداً في فترة بعد الإنتخابات الرئاسيّة في 2009 التي عمّت من بعدها إحتجاجات الحركة الخضراء. وهل يمكنُنا أن ننسى أنّ الثورة الإيرانيّة قامت أساسًا لأجل تحسين الوضع الإجتماعي والمعيشي، ولتحقيق العدالة الإجتماعيّة، كما أن لإنتفاضات التي خرجت في البلاد قبل أشهر، وتكرّرت أكثر من مرة، كانت في الأصل لأسباب إقتصاديّة.
 
وهُنا نتساءل هل حققت الثورة الإيرانيّة فعلا أهدافها؟ إلّا أنّه تبيّن أنّ الثورة لم تكن سوى تمردًّا شعبيًّا على الفساد ومجرد إنتقال من سطوة الملكيّة إلى نير الدولة الدينيّة.