لا شيئ في هذا البلد يعمل غير هذا الجهاز الثلاثي الذي يدق الناس دقاً ويحصي لهم دبيب نملهم وطنين نحلهم وشخيرهم
 

 كانت وزارة رجال الله في كنائسها ومعابدها ومساجدها، تصدر مرسوماً لبيع تذاكر من أجل الدخول إلى الجنة، وتسنُّ قانوناً تعالج فيه السعال الديكي بلبن الحمير الأهلية، وتحرق القطط والجرذان في الساحات العامة، وتحرِّم قراءة كتب الضلال وتحرقها كما تحرق أيضاً الساحرات والمشعوذات من خلق الله لأنها مخلوقات حقيرة.
في معبد آمون وآشور من الكهنة والكهان كانوا يتقنون فن الصيد والكتابة، لأنهما حرفة للتضليل والكسب والسيطرة من دون أن يبثوا الوعي بدلاً من التدليس لأنهم بحاجةٍ ليستروا غوايتهم وسرقاتهم أمام الله سبحانه وتعالى.

 أما اليوم يجتمع ثلاثي الأبعاد في التركيبة السلطوية من كهنوتٍ وجبتٍ وطاغوتٍ في تجهيل المواطن العربي والإسلامي عبر الفضائيات التي تستضيف وزاراء السلطة السياسية ووزراء الله في السلطة الدينية ، أو عبر مراكزهم العبادية الكهنوتية التي تسيطر على ما تبقى من عقولٍ في مجتمعاتنا، فهذا الثالثوثي أو الثلاثي المركب كلٌّ له سلاحه الخاص، فالكهنوت وهو رجل الدين بعنوانه العام، ويتأكَّد عندما يوظَّف في السلطة السياسية، يعني ـ مفتي ـ فهذا يغتال كل إنسانٍ سويٍّ وكل عقلٍ بالوهم والشهوة والخداع وينطِّح نفسه للوعظ والإرشاد عبر الفضائيات ويشرع بسنِّ قوانين من الرقي بالإنسان نحو الفضيلة والأخلاق والقضاء على البطالة والفقر، وفي نفس الوقت هو كذاب خدَّاع، لأنه لا يعرف ما هو الفقر وما هي الفضيلة ويكفي ليكون مثالاً يُحتذى به كما يدِّعي عنوانه، أن يتخلى عن كمالياته بالدرجة الأولى من مسابح وسيارات وأطنان من المال والذهب ويقدر نفسه على الأقل ليس بضعفة الخلق بل بالذين يحرقون أنفسهم جوعاً وفقراً وحرماناً، إنه كهنوتي شيطاني كذَّاب أشر...  وأما الجبت فهو الذي يرمي أوساخه في عقول الناس ويغيِّب الوعي تحت سيل من غبار الكلمات والمفاهيم المطاطية المستقيمة منها والمقلوبة. 

إقرا أيضا: ها هم قتلة الطفل زكريا الجابر...!

والثالث هو الطاغوت الذي يستعبد الناس بالسيطرة والقوة وقطع الأرزاق والأعناق تحت مفهوم الدين والوطن والعزة والكرامة.

لا شيئ في هذا البلد يعمل غير هذا الجهاز الثلاثي الذي يدق الناس دقاً ويحصي لهم دبيب نملهم وطنين نحلهم وشخيرهم في أسرتهم، هذه هي الطبقة الرابعة من الناس المركوبة والذين يطعمون كل الطبقات الملكية والكهنوتية على ظهورهم طبقاً عن طبقٍ، وهم ينتظرون الخلاص بالدعاء واللعنات، لكن المهم أن تبقى هذه الطبقة الثالوثية في الحكم بأيِّ ثمنٍ ولأطول مدة، وأن ينقص الله من عمر هذا الشعب الغبي ليزيد في أعمار رجال الله والوطن... رحم الله البهلول عندما خرج يوماً على السواد من الناس، قالوا له خيراً من مات..؟

فقال: البارحة مات والد إبني تقبَّل الله عزاءكم، وأحسن الله أعمالكم، ورزقكم طول العمر، ولا أصابكم مكروه، والعاقبة للمتقين.