هل تزيد مواقف نصرالله الاخيرة مخاوف واشنطن من وجود حزب الله في الحكومة؟ وما هي التداعيات؟
 

طوال فترة المماحكات التي رافقت مفاوضات تشكيل الحكومة كان هناك بالأساس عائق خارجي يؤخر ويمنع امكانية تشكيل الحكومة وعلى هذا الأساس لم تكن عملية عرقلة تشكيل الحكومة ناتجة عن العقد الداخلية وعملية الولادة التي حصلت لم تتم الا بضوء أخضر خارجي وهذا الامر يبدو متناقضاً مع ما يؤكده ويتغنى به معظم زعامات القوى السياسية على أن تشكيل الحكومة صناعة وطنية خالصة علماً أنهم انفسهم كانوا يشيرون الى عقد خارجية تعرقل عملية التشكيل.

وفي هذا السياق ما لم يتحدث عنه أحد من أركان الطبقة السياسية حول أخر العقد الخارجية الاعتراض الأميركي الواضح والصريح المتعلق بمشاركة حزب الله في الحكومة الجديدة بحقائب وازنة. 

لم يكن وقع اطلالات الامين العام لحزب الله خفيفًا على الأميركيين، ولا حتى خطابه الأخير الذي طغت عليه الملفات اللبنانية. 

لم يكن ردّ الفعل الأميركي متوقّعًا ولم ينتظر أحدٌ أن توزّع السفارة الأميركية بيانًا تعبّر فيه عن "قلقها لكون حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية، سيستمر في تولي مناصب وزارية وقد أجيز له بتسمية وزير الصحة العامة".

إقرأ أيضًا: لبنان تحت المجهر الأميركي

لم يقف البيان عند هذا الحدّ بل بلغ الأمر وصولًا لوزارة الخارجية التي بدورها دعت الحكومة الجديدة الى ضمان ألا توفر موارد هذه الوزارات وخدماتها دعما لحزب الله. وبعد التهنئة في البيان تم الحديث عن زيارة قريبة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت، فما هدف هذه الزيارة؟ يقرأ كثيرون في هذه الزيارة استكمالًا لما أتى من أجله وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل إلى بيروت وفي هذا المجال، يحضر بومبيو إلى لبنان لتذكير القادة اللبنانيين بالخطوط العريضة للعقوبات التي وقعتها بلاده ضدّ حزب الله وتأثيرها على لبنان سياسيًّا واقتصاديًّا، ملوّحًا بما حدث لتركيا بين ليلةٍ وضحاها يوم قرر الأميركيون تدمير اقتصادها ونقدها.

 كما أن هناك معلومات ديبلوماسية تتحدث عن مسار جديد للعلاقات ما بين رئيس الحكومة سعد الحريري وعواصم القرار العربية والغربية، وذلك انطلاقاً من هوية الحكومة الجديدة التي تستعد لنيل الثقة النيابية. 

وتشير المعلومات، إلى أنه في الوقت الذي يستعد الرئيس الحريري لإطلاق الحكومة والإفادة من الدعم الدولي للبنان، فإن فتوراً يكتنف المواقف الخليجية والدولية، باستثناء الفرنسية، من المشهد الحكومي في المرحلة المقبلة.

إقرأ أيضًا: كيف ستقارب الحكومة الاستحقاقات الاتية؟

فالعناوين الخلافية والتجاذبات السياسية، ستشكّل عاملاً مؤثّراً في المقاربات الخارجية للسلطة، خصوصاً فيما لو تكرّر التصعيد السياسي وذلك على خلفية الخلاف حول الإجراءات الإصلاحية، بينما التصعيد ليس مستبعداً في الفترة القادمة داخل الحكومة، وذلك بالنسبة لموضوع النازحين والملف السوري، وصولاً إلى التعيينات الإدارية والأمنية. 

وتضيف المعلومات، أن المجتمع الدولي سيراقب عن كثب كيفية مواجهة الحكومة لهذه القضايا الخلافية. 

ومقابل الحذر الخارجي، تحدثت المعلومات نفسها، عن دعم فرنسي، ومن الواضح أن فرنسا سيكون لها دور فاعل في المرحلة المقبلة على الصعيد اللبناني، في ظل غياب أية مؤشّرات عن دعم اميركي أو دول الخليج للبنان، والسبب، كما تكشف المعلومات، مرتبط بما رافق القمة الإقتصادية العربية الأخيرة في بيروت، كذلك  على خلفية الظروف التي واكبت تشكيل الحكومة.

يبقى الرهان على شكل الردّ الرسمي اللبناني على مقترحات وسقوف أيّ زائر أميركي، لا سيما أنّ النبض اللبناني بات اليوم أقوى من الأمس بعد تشكيل الحكومة واقتراب نيلها ثقة المجلس النيابي.