هل باتت المرجعية الدينية ومواردها المالية حكرًا على الابناء والأحفاد والأصهار في وقت يموت فقراء الشيعة جوعًا؟
 

ضربت ظاهرة أبناء المراجع وأصهارهم واحفادهم أوتادها في إيران قبل العراق، وتحولت الى خطر كبير أثّر على الحياة الإجتماعية والإقتصادية فيها. 

وبعد تأسيس الجمهورية الإسلامية، توسعت هذه الظاهرة وازدادت سطوة أبناء المراجع على شؤون آبائهم المراجع، حيث صار الأبناء والأصهار والأحفاد يشكلون فئة اجتماعية تتلاعب بثروات طائلة، وتسيطر على مقدرات مهمة في الإقتصاد الإيراني.

وقد استغلت هذه الفئة القوانين الإيرانية لتوسيع امبراطورياتهم المالية، فمثلاً استغلوا قانون الضريبة لرجال الأعمال والذي يعتبر الخمس والحقوق الشرعية بديلاً عن الضريبة، استغله الأبناء والأصهار لابتزاز كبار التجار والشركات في الحصول على الحقوق الشرعية وأحياناً دون معرفة المرجع. 

إقرأ أيضًا: ذكرى استشهاد الشيخ خضر طليس الحقيقة كما لم تنشر من قبل

لكن الفرق المهم بين إيران والعراق، يكمن في تنبه المثقفين والصحافة لهذه الظاهرة، فقد لمسوا آثارها الفتاكة على المجتمع والاقتصاد، فراحوا يكتبون عنها وينبهون الجمهور إلى مخاطرها، وقد لاقت مقالاتهم وتغطياتهم الصحفية قبولاً من قبل المجتمع، مع ان ارتباط الشعب الايراني بمراجعه أكثر بكثير مما هو عليه المجتمع العراقي. لكن الإيرانيون استطاعوا التمييز بين شخص المرجع وبين أبنائه وأصهاره وأحفاده وحاشيته، في حين لم يصل المجتمع العراقي إلى هذا الوعي بعد. 
 
في إيران تسيطر فئة أبناء المراجع على سوق العقارات، ولديهم أكبر الفنادق السياحية الراقية، كما يتحكمون بسوق العديد من السلع الضرورية ومنها السكر الذي يخضع لسيطرة أحد أبناء المراجع. 

تنشر الصحف الإيرانية الكثير من فضائح هذه الفئة التي يُطلق عليهم بـ (أغازادها) وتحتل هذه التسمية عناوين كبريات الصحف الإيرانية. كما أن المحكمة الخاصة برجال الدين، تضج بقضاياهم التي تلاحق فسادهم وسرقاتهم ومخالفاتهم القانونية. 

وقد اتخذت الحكومة الإيرانية إجراءات صارمة مع هذه الفئة، حيث تلاحق تحركاتهم باستمرارهم، وتتعقب عملياتهم التجارية، لكونهم يمتلكون علاقات خفية مع شبكات ذات كفاءة عالية في الإحتيال والالتفاف على القوانين. 

كما أن السلطات الإيرانية تبادر فور وفاة أحد المراجع الى تجميد حساباته، وفتح تحقيق في ثروات أبنائه وأصهاره وأحفاده. 

إقرأ أيضًا: مجرم في وشاح شريف...!

وفي إيران يتفاعل الشعب الإيراني مع النشاطات والجهود التي تلاحق فساد أبناء المراجع واصهارهم واحفادهم، ويشجعون المثقفين والإعلاميين الذين يقومون بهذا الجهد، حيث يعتبرونهم بأنهم يعملون من أجل حفظ مقام المراجع والمرجعية من مساوئ الأبناء، والايرانيون يستغربون من بساطة وسذاجة من يخلط بين المرجع وابنه في المنزلة والمقام. 

تتجه إيران وهي دولة إسلامية الى معالجة هذه الظاهرة، فقد عزلت أبناء المراجع عن التدخل والتأثير بشؤون الدولة، وتعمل على مكافحة تأثيرهم على الإقتصاد من خلال محاصرة امبراطوراتهم المالية الخيالية. 

بينما نحتاج في العراق، الى فترة طويلة، فلا زال المجتمع الشيعي بحاجة الى عمليات تثقيف مكثفة حتى يعي الفرق بين المرجع وبين أبنائه، كما يحتاج إلى فترة من التجارب حتى يعرف ذلك بالتدريج، فالنشاط الثقافي يواجه الكثير من التحديات، مع وجود تثقيف مضاد يقوم بتجهيل الناس وخداعهم بوحدة المرجع مع أبنائه وأصهاره وأحفاده. 
 
هنا يأتي دور المثقف وعالم الدين الذي يشعر بضرورة الدفاع عن المرجعية وحفظ مقام المرجع ودوره ومكانته، فهو مرجع للأمة، يجب الدفاع عنه والتصدي لمحاولات الأبناء والأصهار والأحفاد في استغلال موقعه الرفيع.