يرتفع منسوبُ التحدّي لدى حزب «القوات اللبنانية» مع الدخول الى الحكومة الجديدة بأربعة وزراء، في حين تتّجه البوصلة بشكل أساسي الى وزارة العمل التي تشكّل محطَّ أنظار معظم الشعب اللبناني العاطل عن العمل.
 

يُستكمل مسلسلُ التسلّم والتسليم في الوزارات، غير أنّ ثمّة وزارات دسمة تأخذ حيّزاً أكبر من غيرها نظراً للعقلية اللبنانية الحاكمة التي تعتبر الوزارات «بقرةً حلوباً» يجب الإستفادة منها.

وزارةُ العمل التي لا تُصنَّف من فئة الوزارات السياديّة أو الخدماتية كانت لها رهجتُها في حفل التسلّم والتسليم الذي حصل أمس بين الوزير السابق محمد كبارة والوزير القواتي كميل أبو سليمان.

والسبب الأساسي والمهمّ في ذلك أنّ هناك وزيراً قوّاتيّاً سيُداوم في منطقة «المشرفيّة» أي في الضاحية الجنوبيّة، هذه المنطقة التي تشكّل المعقلَ الأساس لـ»حزب الله». وهنا يتساءل الجميع وخصوصاً الجمهور القواتي، هل سيحضر أبو سليمان الى مركز الوزارة أم أنه سيستأجر مكتباً في وسط بيروت؟

والجوابُ حازِم: نعم الحضورُ سيكون هنا في المكتب، والعمل والإجتماعات ستحصل وكأنّ الوزارة في الأشرفية أو أيّ منطقة لبنانية أخرى.

لا شكّ أنّ الهاجس الأمني يسيطر على أيِّ وزير غير وزراء «8 آذار» ممَّن كان نصيبُهم تولّي العمل، لكنّ القصّة أبعد من ذلك بكثير، لأنّ المتاريسَ القديمة- الجديدة ما زالت تُقسِّم وطنَ الـ10452 كلم. ففي مخيّلة أيّ مواطن أنّ العبورَ من عين الرمانة أو الأشرفية الى الضاحية، كأنما يجتاز قارةً الى أخرى، فيما الحقيقة أنّ المسافة لا تتعدّى الدقائق الخمس، ومعاناة أبناء تلك المناطق هي نفسها، «لكننا نجهل بعضنا».

القاسم المشترَك لدى جميع المواطنين والعاملين في وزارة العمل الذين إنتظروا حفل التسلّم والتسليم هو عبارة واحدة «بدنا البلد يمشي». لقدّ تأخّر الوزير كبارة في آخر يوم له عن الموعد الذي كان محدَّداً للتسليم، وظنّ البعضُ أنه لا يرغب بالحضور وغيرُ متنازل عن الوزارة بسهولة، لكنّ هذا التأخير عن الموعد المحدَّد نحو نصف ساعة كان مبرَّراً لأنه قادم من طرابلس عاصمة الشمال، والزحمة كبيرة جداً.

الوزارةُ التي عاشت يومَ «عجقة» بسبب الإنتقال «السلِس» للسلطة فيها تتطلّع الى غدٍ جديدٍ ونفضةٍ هي بأمسّ الحاجة إليها، وتلك النفضة تشمل الشكل والمضمون.

ويكفي أن تستعملَ «المصعد» الوحيد الموجود في المبنى لترى مدى الإهمال والخطر في المباني الرسمية التي تشكّل الشاهدَ الأول على إهتراء الدولة التي تحتاج الى خطة إنقاذ سريعة. واللافت أنّ أبو سليمان الذي يأتي الى «المهمّة الصعبة» من خلفيّة قانونية دوليّة تنظيميّة، تحتاج وزارتُه الى ورشة إصلاح وتنظيم على الصعد كافّة.

يبدأ أبو سليمان مهمّته بتفاؤل، وهو الذي أكّد بالأمس أنّ يده ممدودة الى الجميع من أجل تسيير شؤون «العمل، وبأنّ الإصلاح من أولوياته، كما أنه سيعطي أهمّية لملفّ الضمان الإجتماعي والعمالة الأجنبية التي يجب أن تعامَل باحترام وإنسانية تليق ببلدنا، فيما كانت وصيّة كبارة إستكمال المكننة وتحديث نظام العمل، بعدما سرد إنجازاتِه خلال ولايته.

قدّ تكون وزارةُ العمل «كرةَ نار» مع كثرة الملفات المطروحة، وتزداد أهميّةً مع تولّي قواتيٍّ هذه الحقيبة وسط الرهان على «بروفيل» الوزير الذي شكّل فريقَ عمله، وعلى أداء «القوّات»، ولعلّ مكننة الضمان الإجتماعي ووقف إذلال اللبنانيين على أبوابه وتسهيل تقديم طلبات الأدوية وقبض الأموال المستحقّة من دون عناء وإذلال من أولوية المواطن اللبناني الذي يفقد أعصابَه كلما كانت لديه معاملة في الضمان.

وبما أنّ ملف النزوح أكبر من لبنان، إلّا أنّ إقدام وزارة العمل على ضبط العمالة السورية يشكّل أولويةً لدى اللبناني الذي «سرق» منه السوري لقمة عيشه، ويراهن الجميع على أنّ الوزيرَ الجديد لن يرضخ لما تطلبه المنظّمات الدولية المهتمّة بالنازحين، التي تخرق السيادة اللبنانية بتصرفاتها غير المراقبة، وسيطبّق القوانين التي تحمي الشباب والعمال اللبنانيين.

ويعلم الجميع أنّ داخل وزارة العمل دوائر نفوذ لزعماء معروفين، وفيها توظيفات بالجملة وفي غير محلّها، وهنا تتّجه الأنظار الى أداء الوزير أبو سليمان وما إذا كان سيُجري الإصلاحات اللازمة عبر الإستغناء عن الفائض من الموظفين أو نقلهم الى مؤسسات أخرى مثلما فعل وزير الشؤون الإجتماعية السابق بيار بو عاصي، أو أنّ الحماية السياسية ستقف عائقاً في العمل وستمنعه من تنفيذ البرنامج الإصلاحي؟