البابا فرنسيس الثاني: أذهب إلى هذا البلد كأخ كي نكتب معا صفحة حوار.
 

استقطب حدث وصول البابا فرنسيس الثاني، مساء الأحد، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بناء على دعوة من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان، اهتماما عالميا واسعا سلّط الضوء مجدّدا على جهود الإمارات في نشر ثقافة الاعتدال والتسامح والتعايش والتأسيس للحوار بين الأديان، في مواجهة نوازع التشدّد والانغلاق والشعبوية العائدة بشكل لافت إلى الساحة العالمية.

واكتسبت الزيارة بعدا تاريخيا كونها الأولى من نوعها التي يقوم بها بابا الفاتيكان إلى منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية مهبط الإسلام، وموطن أقدس مقدّساته. إضافة إلى أنّها ستشهد الثلاثاء أول قدّاس يترأسه البابا في الخليج، كما سيكون الأضخم من نوعه في المنطقة.

وعبّر البابا نفسه على أهمية زيارته للإمارات قائلا عبر تويتر “أنا في توجهي إلى الإمارات العربية المتحدة، أذهب إلى هذا البلد كأخ كي نكتب معا صفحة حوار وللسير معا على دروب السلام”.

ورحب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس الإماراتي رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بزيارة البابا فرنسيس، قائلا إنّها جاءت “في وقت نحن أحوج ما يمكن فيه إلى أن نلتقي حول قيم إنسانية مشتركة، ومد جسور إخاء وصداقة، وإبراز نقاط التشابه والتماثل وتحييد عناصر الافتراق ونزع فتيل الفرقة والاحتراب وإطفاء نيران الحقد والكراهية والتمييز الديني والعرقي، والاجتماع على الأهداف والغايات النبيلة التي تسعى إلى العمل من أجل تحقيق السلام العالمي واستقرار البشرية”.

وتوقّع بروليو رودريغيز مستشار بابا الكنيسة الكاثوليكية رئيس أساقفة طليطلة وإسبانيا أن تسهم الزيارة في ترسيخ قيم السلام والتسامح والتعايش وحوار الأديان والحضارات. وقال في تصريح لوكالة الأنباء الإماراتية “وام” إنّ الكنيسة الكاثوليكية تعتبر الإمارات شريكا استراتيجيا ونموذجا يحتذى في المنطقة.

وفي تعليقه على إعلان دولة الإمارات سنة 2019 عاما للتسامح قال بروليو إنّ البابا حريص على العمل بشكل مشترك مع دولة الإمارات من أجل ترسيخ هذه القيمة النبيلة، وإن اختياره مدينة أبوظبي لإقامة أول قداس في منطقة الخليج لم يكن مصادفة.

ونشرت وكالة الأنباء الإماراتية البرنامج التفصيلي لزيارة البابا إلى الإمارات، مشيرة إلى أنّه سيُستقبل الاثنين من قبل الشيخ محمّد بن زايد، ويزور في نفس اليوم جامع الشيخ زايد الكبير، ويلتقي شيخ الأزهر أحمد الطيب، كما يشارك في ملتقى الحوار بين الأديان في صرح زايد المؤسّس. على أن يقوم الثلاثاء الخامس من فبراير بزيارة لكاتدرائية أبوظبي، ويقيم قدّاسا في مدينة زايد الرياضية.

ويعيش قرابة مليون كاثوليكي، في دولة الإمارات حيث توجد ثماني كنائس كاثوليكية، بينما توجد أربع في الكويت ومثلها في سلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وأخرى في قطر، بينما لا توجد كنائس بالسعودية. وتُنتظر مشاركة أكثر من 130 ألف شخص في قداس الثلاثاء بأبوظبي.

ولم يؤثّر سقوط كميات من الأمطار على الأجواء الاحتفالية التي سبقت زيارة البابا، حيث اصطف المئات منذ الساعات الأولى لصباح الأحد، أمام كاتدرائية القديس يوسف في العاصمة أبوظبي أملا في الحصول على آخر التذاكر لحضور القداس.

ووقفت الأميركية كولينز كوشيه راين المقيمة في الإمارات بانتظار تذكرتها. وقالت لوكالة فرانس برس “إن مجيء البابا يفتح المجال أمام محادثات حول التسامح يجب أن يسمعها كل العالم”. وأكد الأيرلندي شين غالاغير أن الحماسة تغمره لحضور القداس. وقال “أنا في غاية الحماسة. لقد جاء البابا إلى أيرلندا بالقرب من مقر إقامتي في أغسطس الماضي، لكنني لم أتمكن من رؤيته”. وتابع “إن مجيئه إلى الإمارات حيث أعمل وأقيم، أمر رائع، وسيكون أسبوعا عظيما”.

أما دوريس دسوزا وزوجها، فقد وصلا من مدينة غوا في الهند لحضور القداس. وكانت دسوزا أقامت وعملت في الإمارات مدة 37 عاما قبل أن تعود إلى بلدها. وقالت “نحن متشوقان للغاية”. وفي الشوارع الرئيسية في أبوظبي وتلك المؤدية إلى مجمع الكاتدرائية، علّقت أعلام الفاتيكان والإمارات بالإضافة إلى أعلام اللقاء الديني الذي سيحضره البابا الاثنين، تحت مسمى “لقاء الأخوّة والإنسانية”.

وحظيت زيارة البابا للإمارات باهتمام بالغ من قبل السياسيين والإعلاميين على حدّ سواء. وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش في حسابه على تويتر “هي زيارة تحمل قيمة إنسانية عظيمة تضيف بها دولتنا صفحة جديدة في تاريخ التآخي والتسامح”، مضيفا أن الزيارة “تؤكد للعالم نهج دولتنا في التسامح والتعايش السلمي”.

وقارن المسؤول الإماراتي ضمنيا بين استقبال بلاده للبابا وإيواء قطر لرجل الدين المصري المتشدّد يوسف القرضاوي من دون أن يذكر الأسماء، قائلا “شتّان بين من يستضيف مفتي العنف والإرهاب ويصدر فتاوى تبرّر استهداف المدنيين، ومن يستضيف بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر في حوار المحبة والتواصل”.