على الجديد عدم الهروب من مسؤولياتها باختلاق أزمة من قنبلة صوتية ربما كانت تستحقها في بلد كل تركيبته قائمة على الطائفة والزعيم.
 

منذ أيام تعرض مبنى قناة الجديد لإلقاء قنبلة صوتية أرعبت القناة والعاملين فيها، وسرعان ما أظهرت القناة فيديو لكاميرات المراقبة ظهرت فيه السيارة التي ألقت القنبلة وتبين بعد ذلك أن سائق السيارة ينتمي للحزب التقدمي الإشتراكي، وفي تقريرها عن الحادثة بثت تسجيلا صوتيا يتضمن عتاباً للقناة على الإساءة التي تعرضت لها طائفة الموحدين الدروز  خلال برنامج كوميدي لشربل خليل.

وتابعت القناة تجييش الرأي العام اللبناني والإعلامي وملأت البلاد صراخا وعتاباً، وضربت يمينا وشمالا باتجاه الأجهزة الأمنية المقصرة عن القيام بواجباتها حسبما ما ترى هذه القناة.

تناست الجديد بقنبلة جنبلاط أو التقدمي الاشتراكي كل قنابلها باتجاه لبنان واللبنانيين بطوائفهم وزعمائهم وسياسييهم وهي كوسيلة إعلامية هي الأكثر تحريضًا على الشغب والتطاول والإساءة، سواء بتغطية الأحداث على الأرض أو في نشرات الأخبار أو من خلال البرامج الكوميدية التافهة والمبتذلة (وهي صفة عامة لكل البرامج الكوميدية في البلد والتي ابتعدت كل البعد عن العمل الفني الكوميي الهادف والذي أصبح يطال كرامات الناس وانتماءاتها المناطقية والطائفية).

إقرأ أيضًا: ماذا يعني البيان الوزاري للحكومة؟

تناست الجديد بقنبلة جنبلاط كل قنابلها السابقة التي تصيب اللبنانيين وعلى العصب الطائفي تحديدا، والتي أدت في أحيان كثيرة إلى ردود فعل شعبية واسعة لدى الشرائح التي تعتبر نفسها مستهدفة وكادت في أماكن كثيرة أن تتحول إلى مواجهات.

كما تتناسى الجديد قنابلها السابقة التي تتعمد فيها تغذية الإحتقان الطائفي والمذهبي وتعبئة الجماهير بالنقل المباشر لأحداث أو تحركات عفوية وكادت بدورها أن تؤدي إلى حرب أهلية.

قنبلة جنبلاط  رد فعل على إساءة ما كان يجب أن تحملها الجديد إنسجاما بأخلاقيات المهنية والتزاما بميثاق الشرف الإعلامي.

ماذا تريد الجديد تريد من التطاول على الطوائف، وآخرها طائفة الموحدين الدروز؟ هل يجب أن ينجح أي برنامج كوميدي بالتطاول على الرموز أو الطوائف أو بالإساءة على لغتنا الشعبية المحكية في الجنوب أو البقاع أو الشمال؟

القناة كوسيلة إعلامية من حقها التعبير عن موقفها وتغطية الأحداث من منظورها السياسي حتى الإنتقاد لما تراه خطأ، وهي تقوم بهذه المهمة على أكمل وجه لحد الإهانة أحيانا، ولا نقاش في هذا الحق في سياق حرية الرأي والتعبير، وفي سياق إظهار الموقف المعارض لأي قيادي أو حزب أو تيار أو زعيم والكلام هنا بالسياسية، ولكن ما معنى الإساءات المتكررة للطوائف؟ وما معنى التحريض الإعلامي الطائفي والسياسي الذي يقود في أحيان كثيرة إلى فوضى؟ 

إقرأ أيضًا: على هامش البيان الوزاري

وماذا تريد الجديد من حرية والتعبير؟ إن حرية الرأي والتعبير لا تعني بأي شكل من الأشكال الإهانة، إهانة طائفة أو رجل دين أو زعيم، حرية الرأي والتعبير هي حق في سياق النقد البنّاء والهادف والذي يراد منه تصويب الرأي العام و إظهار الحقائق.

قنابل الجديد أكثر بكثير من قبلة وليد جنبلاط وكما تريد الجديد وضع حد لهذا التفلت بالاعتداء عليها، فمطلوب منها وقبل غيرها وضع حد لهذا التفلت الإعلامي اللامسؤول، ومطلوب منها وضع حد للتحريض باعتبار الإعلام كرسالة هادفة لبث الوعي والأخلاق.

وعلى الجديد عدم الهروب من مسؤولياتها باختلاق أزمة من قنبلة صوتية ربما كانت تستحقها في بلد كل تركيبته قائمة على الطائفة والمذهب والزعيم.