جبران باسيل وخطابات التزييف والاستعلاء
 

لم تكد تمضي ساعة أو ساعتان على تأليف الحكومة الجديدة، حتى خرج وزير الخارجية جبران باسيل على قناة ال Lbc ليُعلن فوزه المُظفّر بالحصول على الثُّلث المعطّل في الحكومة الوليدة، أي أنّه بات في جعبته أحد عشر وزيراً وربما أكثر، حصل ذلك رغم أنف المعرقلين والمنافسين.

إلاّ أنّ خطاب الظّفر والاستعلاء كان بعد اجتماعات تكتّله النيابي، والذي استهلّه بأسفٍ عابر على التّأخير في تشكيل الحكومة، ومن ثمّ انتقل باسيل كعادته لإعطاء الدروس والمواعظ، في الأخلاق أولاً، وفي براعته السياسية ثانياً، وفي الأداء "الوطني" آخراً.

إقرأ أيضًا: حبّذا لو يخرج الدكتور جعجع من حكومة المحاصصات

بما أنّ الوزير باسيل صريحٌ وشفّاف، بدأ مؤتمره الصحافي ببعض المصارحات، والحديث عمّا عجز أو عجزنا (بلغة الجمع) عن تحقيقه: 

أولاً: لم يتمكن الوزير باسيل من الحصول على بعض الوزارات "السّيادية" كالداخلية والماليّة، وبعض الوزارات الخدماتيّة كالاشغال والزراعة، ولا يخطرنّ ببال أحدكم أنّه كان مُستعدّاً للتبادل أو التّنازل عمّا في يده من وزارات سيادية كالدفاع والخارجية، أو الخدمية كالطاقة والاقتصاد ومعهما البيئة (والتي خاض في سبيلها آخر معاركه)، ومن ثمّ أسف لعدم تمكُّنه من تثبيت مبدأ الإختصاصيّن الكامل، باعتباره دبلوماسيّاً عريقاً لبقائه في وزارة الخارجية، وكذلك الوزير إلياس أبو صعب باعتباره جنرالاً مقداماً في الفنون والعسكرية. كما لم يغفل باسيل دفاعه المستميت لتوزير الأقليّات (في مسار تأمين الثلث المعطّل.

إقرأ أيضًا: وزير سُنّي في خدمة حزب الله بلباس ليموني

هذه ملاحظات أرادها باسيل على سبيل الاستعلاء على سائر أقطاب الطبقة السياسية، باعتباره رجل دولة من الطراز الرفيع، لا تفوته شاردة أو واردة في سبيل الوطن ومصالح المواطنين. لينتقل بعدها إلى تعداد المكاسب الباهرة التي تحقّقت على يديه (بمساعدة الرئيسين عون والحريري)، وفي طليعتها منع انهيار البلد اقتصادياً، ومنع تأليف الحكومة (أمّا من كان يمنع ذلك فعلمُه عند الله والراسخون في العلم)، ومن ثمّ منع رئيس الجمهورية من إعطاء رأيه وأخذ حُصّته، ومنعه من الحصول على الثّلث المعطّل. محاولات تمّ القضاء عليها، وبفضل نظام المحاصصات و"تناتُش" المقاعد الوزاريّة، والمزيد من الحرص على الوحدة "الوطنية" المزعومة، بات عندنا حكومة يتطلّع اللبنانيون صوبها لتفي بالوعود التي أُغدقت عليهم بالصلاح والاستقامة والنهوض بالبلد من أزماته التي لا تكاد تُحصى، تفاؤل قد تُبدّده خطابات التزييف والاستعلاء من هنا أو هناك.