مضاعفة آبار حقل مجنون القريب من حقول إيرانية، وإبعاد الحشد الشعبي عن أكبر حقل للغاز تمهيدا لتشغيله.
 
يرجح محللون أن تكون الضغوط الأميركية خلف تسريع جهود الحكومة العراقية لإنهاء اعتمادها على إمدادات الغاز الإيرانية من خلال تمهيد الطريق لبدء استغلال حقل عكاز في محافظة الأنبار، أكبر حقول الغاز في البلاد.
 
وجاءت شرارة التحرك مصحوبة بدلالات سياسية بالإعلان عن انسحاب قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران من حقل الغاز العملاق وتسليم مهمة حمايته إلى قوات الجيش و”الحشد العشائري” المكون من سكان المناطق المحيطة بالحقل.
 
ويتضح الدور الأميركي في ذلك التحرك في زيارة الحقل أمس من قبل قوة أميركية تابعة للتحالف الدولي للاطلاع على آلية انتشار قوات الجيش والحشد العشائري في الحقل وحمايته.
 
وتصل احتياطات الغاز الطبيعي المؤكدة في حقل عكاز، الواقع في قضاء القائم قرب الحدود السورية إلى نحو 5.6 تريليون متر مكعب قياسي.

ويمتد حقل عكاز الذي تم اكتشافه في عام 1992 بمحاذاة نهر الفرات على مسافة يصل طولها إلى 50 كيلومترا وبعرض 18 كيلومترا. وسبق أن تم حفر ستة آبار في الحقل قبل سيطرة تنظيم داعش عليه في عام 2014 واستعادته القوات العراقية أواخر 2017.

وكانت شركة كوغاس الكورية الجنوبية قد أبرمت في عام 2011 عقدا مع الحكومة العراقية لتطوير الحقل وكانت تخطط لإنتاج 400 مليون قدم مكعب قياسي، إلا أنه لم يدخل مرحلة الإنتاج بسبب الحرب التي دارت في المنطقة.

وفي تحرك آخر يتقاطع أيضا مع المصالح الإيرانية، أعلنت وزارة النفط العراقية أمس أن شركة نفط البصرة أبرمت اتفاقا مع شركة الحفر العراقية التي تديرها الدولة لحفر 40 بئرا نفطية جديدة في حقل مجنون النفطي العملاق الواقع في محافظة ميسان والذي تتداخل احتياطاته مع حقول إيرانية.

وذكرت الوزارة في بيان أن الاتفاق سيساهم في زيادة الإنتاج الحالي لحقل مجنون من 240 ألف برميل يوميا ليصل إلى 450 ألفا بحلول عام 2021.

وتضاف الآبار الجديدة إلى 40 بئرا اتفق العراق وشركة شلومبرغر الأميركية على حفرها في حقل مجنون في 19 ديسمبر الماضي في تحرك أوسع لاستغلال حقول النفط والغاز المحاذية لإيران والتي تتداخل احتياطاتها بين البلدين.

وتمثل الخطوة اتجاها متزايدا للاعتماد على الكوادر والشركات العراقية في إدارة الحقول منذ عامين، بعد أن كانت قد سلمت إدارة ثروات النفط والغاز إلى الشركات الأجنبية منذ الغزو الأميركي في عام 2003.

وكانت شركة رويال داتش شل خرجت من مجنون العام الماضي، وسلمت العمليات إلى شركة نفط البصرة التي تديرها الدولة.

ووقعت الحكومة العراقية في يونيو من العام الماضي 6 عقود مع شركة الهلال الإماراتية وشركات صينية، تتضمن تطوير 5 حقول قرب الحدود الإيرانية.

ويقول محللون إن بغداد بدأت محاولة اللحاق باستغلال إيران الواسع للحقول المشتركة بعد إهمال طويل، يقول محللون إنه كان متعمدا من قبل الأحزاب العراقية الموالية لإيران.

وتشير بيانات وزارة النفط الإيرانية إلى أن الإنتاج من الحقول المشتركة مع العراق يصل إلى نحو 300 ألف برميل يوميا. وقدرت عوائدها السنوية منها بنحو 5 مليارات دولار.

وفي تحرك ثالث في نفس الاتجاه قالت وزارة النفط العراقية أمس إنها وقعت عقدا مع شركة النفط البحري الوطنية الصينية (سنوك) لإجراء مسح سيزمي لمناطق محاذية لإيران ومنطقة بحرية في الخليج العربي.

وتتصاعد أصوات الأطراف السياسية العراقية المقربة من إيران، الرافضة للالتزام بالعقوبات الأميركية، إضافة إلى زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى بغداد وكان آخرها زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي وجه رسائل تحد للإدارة الأميركية.

في المقابل تتصاعد أصوات عراقية أخرى، تشجب النفوذ الإيراني وتطالب بالالتزام بالعقوبات الأميركية وعدم تعرض مصالح البلاد للخطر.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن العراق استورد من إيران في العام الماضي ما يصل 154 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، إضافة إلى نحو 1300 ميغاواط من الكهرباء.

وتظهر بيانات شركة بريتش بتروليم البريطانية أن العراق يشتري الغاز الإيراني بسعر 11.23 دولار لكل ألف قدم مكعب، مقارنة بنحو 5.42 دولار تدفعها ألمانيا لشراء غاز أبعد مسافة من روسيا ونحو 6.49 دولار تدفعها الكويت لشراء الغاز المسال.

ويرى محللون أن الحكومة في وضع حرج بسبب انقسام البرلمان إلى كتلتين إحداهما موالية لطهران والأخرى معارضة لنفوذها في وقت تدرك فيه أنها لا تستطيع انتهاك العقوبات الأميركية خاصة في ما يتعلق بمدفوعات الدولار إلى إيران.

ويقول تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن العراق يبدد حاليا ما يقرب من 2.5 مليار دولار سنويا نتيجة حرق ما يصل إلى 1.55 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط أي ما يعادل 10 أضعاف الكمية المستوردة من إيران.