لكل من أخذتهم "الحماسة" لفكرة تشريع الحشيشة- وهم كثر- يؤسفنا أن نبلغكم أنّ بيروت لن تصبح أمستردام الشرق الأوسط، أو على الأقل، ليس في الوقت الراهن (يقصد السياح أمستردام لتدخين الحشيشة). هذا ما يمكن استخلاصه من ورشة العمل التي ترأسها عضو كتلة "التنمية والتحرير"، النائب ياسين جابر، وشارك فيها نواب وخبراء واختصاصيون وحضرها الإعلام: فببساطة، ليست الحشيشة التي يُراد تشريعها للف. لكن لا داعي للقلق، الأموال آتية. 

في اتصال مع "لبنان 24"، يوضح جابر أنّ العمل يجري حالياً لتشريع سلالة جديدة من القنب تنخفض فيها نسبة مركّب "رباعي هيدرو كانابينول" Tetrahydrocannabinol المخدّر وترتفع فيها نسبة الـ"كانابينول" Cannabidiol المستخدم في المجال الطبي؛ علماً أنّ نسبة تركّز "رباعي هيدرو كانابينول" مرتفعة في سلالة الحشيشة المزروعة في لبنان.

ويبيّن جابر أنّ العمل يجري حالياً مع الإعلام والخبراء من أجل توعية الرأي العام حول مضمون هذا القانون، كاشفاً أنّ بعض النواب الذين شاركوا في ورشة العمل غيرّوا رأيهم بعد سماع آراء الخبراء. 

ويشرح جابر أنّ هذا القانون، إذ ما أقرّ، سيحمي المزارعين من التجار والمهربين الذين يعملون مع شبكات واسعة يتعدّى بعضها حدود لبنان، باعتبارهم أكبر المستفيدين من الوضع الحالي. كما حذّر جابر من قدرة هؤلاء على شن حملات مضادة للتخويف من مشروع تشريع الحشيشة، حيث أنّ القانون سيوفّر غطاء للمزارعين لممارسة أعمالهم على مرأى من الدولة وسيتيح لهم الاستفادة من مردود مالي أكبر. 

عن الاستخدامات الطبية للقنب المنوي تشريعه، يتحدّث جابر عن الدراسات التي تشير إلى دور هذه النبتة في علاج السرطان والتخفيف من آلامه، لافتاً إلى إمكانية استخدام زيتها في صناعة المواد التجميلية، وأليافها في صناعة حبال البواخر والسيارات والأنسجة. 

وفي هذا السياق، يشدّد جابر على أنّ تشريع القانون سينعكس إيجاباً على الاقتصاد، إذ أمل في أن يشجع شركات الأدوية على فتح فروع لها في لبنان، مستشهداً بإقرار مشروع تصدير القنب الطبي للأغراض العلاجية في "إسرائيل" المتوقع أن يوفّر عائدات ضريبية إضافية بقيمة 273 مليون دولار. 

ولدى سؤاله عن تقرير "ماكينزي" الذي أعاد ملف تشريع الحشيشة إلى الضوء، يكشف جابر أنّ الشركة لم تلبِ دعوته إلى ورشة العمل ولم تفصح عن المواد التي استندت إليها قبل أن تخلص إلى قدرة الحشيشة على در مليار دولار. وعما إذا كان يؤيد ما جاء في التقرير، يبيّن جابر أنّ لبنان ما زال عاجزاً عن الاستفادة من المرافق السياحية كما ينبغي وكما تفعل بلدان أخرى، متسائلاً: "ماذا يمكنني أن أقول بعد ماكينزي؟". 

في ما يتعلق بموعد إقرار القانون، يعتبر جابر أنّ ما يجري حالياً "عملية من شأنها أن تستغرق وقتاً"، آملاً في أن يتم إقراره قبل ستة أشهر من الآن، وكاشفاً عن نيته تنظيم ورشة عمل ثانية في هذا الإطار. وفي حال أُقر القانون، يتوقع جابر أن يتم تأليف هيئة خاصة تُعنى بمسألة زراعة الحشيشة، تتمثل فيها وزارة الصحة وغيرها، مشيراً إلى أنّ مشروع القانون الحالي لم يدخل في هذه التفاصيل لا سيما أنّ النواب لا يتشاركون وجهة النظر نفسها. 

"حشيشة غير موجودة"، هذا ما يريدون تشريعه إذن. ولكن ممَ تشكو "حشيشتنا"؟ حسناً، ذنبها أنّها "مخدرة" و"غير صالحة للاستخدام الطبي". ولكن ما الضير في أن تكون الحشيشة "مخدرة"؟ فالطلب على هذه النبتة إلى ازياد بعد تشريع تدخينها في عدد كبير من البلدان الأجنبية.

العقبات أمام الحشيشة اللبنانية، التي تُعتبر من بين الأجود عالمياً، لا تقف عند هذا الحد، إذ سلطت ورشة العمل الضوء على ارتفاع تكلفة البنى التحتية اللازمة للسير بهذا المشروع، وخلالها، تساءلت نقيبة مصانع الأدوية، كارول أبي كرم: "هل يتمتع المزارعون بالخبرة اللازمة؟ وهل ستتمكن الدولة من استيفاء المعايير الأوروبية؟"، أمّا الأستاذ في كلية الزراعة في الجامعة الأميركية، الدكتور محمد فران، فنبّه من أنّ كلفة الاستثمار الأولية في المحصول ستكون مرتفعة، مقدّراً إياها بنحو 10 آلاف دولار للألف متر مربع. 
 
(ترجمة: فاطمة معطي)