تتردد مقولة لدى الاوساط السياسية والشعبية المناهضة للسياسة الاميركية في المنطقة مقولة مفادها «انه اينما وضعت الادارة الاميركية يدها في اي بقعة من العالم يصيبها الخراب او الفوضى او الحروب او الانقسامات، وبدا ذلك في الشرق الاوسط ومن ضمنه لبنان، وامتد مع ادارة الرئيس دونالد ترامب الى افتعال خلافات مع روسيا والصين وتركيا ودول اخرى، وصولا الان الى اميركا اللاتينية، حيث بدأت الاصابع الاميركية تعبث باستقرار القارة انطلاقا مما يجري في  فنزويلا، وكل ذلك تحت عنوان محاربة ايران وحلفائها واصدقائها، بينما الهدف الاساسي والجوهري حماية كيان العدو الاسرائيلي ومصالحه بعدما وقف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الى جانب حق الشعبين اللبناني والفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني».

ويقول دبلوماسي مخضرم واكب السياسة الاميركية في اميركا اللاتينية: ان الاميركيين يمارسون ضغوطهم على الدول الضعيفة بدءا بلبنان لأنه لم يركع او ينحني امام اسرائيل، التي لا تستطيع ان تتعايش مع وجود مقاومة قوية في لبنان، مع ان المقاومة اللبنانية تحافظ على الاستقرار في الجنوب ولا ترتكب اي خرق أو ممارسة مستفزة، بينما اسرائيل هي التي تفتعل المشكلات مع لبنان يوميا وتخرق سيادته عبر خرقها المتمادي للقرار 1701.. كما تفتعل المشكلات مع سوريا ومع العراق واليمن، ولا تترك دولة عربية مرتاحة، حتى انها تلاحق مصالح اللبنانيين والعرب في افريقيا واميركا اللاتينية وبدعم اميركي واضح وعلني.

وفي هذا الصدد يضيف الدبلوماسي الذي عمل في اميركا اللاتينية ست سنوات: انه اذا تغيّر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وحل محله رئيس البرلمان اليميني المعارض خوان غوايدو، سيكون الانتقام من الجاليات اللبنانية والعربية كبيرا (يوجد في فنزويلا 300 الف لبناني)، بسبب وجود شخص مدعوم اميركيا يقف في الظل خلف رئيس البرلمان المعارض يدعى ل.ب، خاصة وان حجم التآمر على الرئيس الفنزويلي مادورو تبيّن فورا من خلال إبداء الكيان الاسرائيلي دعمه واعترافه بالانقلابي غوايدو، عدا عن ان اميركا دفعت البرازيل ودول اخرى الى دعم الاطاحة بمادورو وتأييد الانقلابيين.

يُذكر انه إلى جانب البرازيل، اعترفت عشر دول أخرى أعضاء في مجموعة «ليما» بغوايدو. وهذه الدول هي: الأرجنتين وكندا وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وغواتيمالا وهندوراس وبنما وبارغواي والبيرو وكلها تدور في الفلك الاميركي، وهي تنتقد باستمرار ما تصفه «تجاوزات نظام مادورو» وتطالب بتحقيق الديموقراطية في فنزويلا. هذا عدا عن دول الاتحاد الاوروبي.

ولكن الدبلوماسي المخضرم يشير الى ان مصالح الدول الصغيرة او الضعيفة تفرض عليها السير في هذا الاتجاه او ذاك خشية انتقام الدول الكبرة منها، وهذا ما يجري الان بالنسبة لفنزويلا كما جرى بالنسبة لسوريا، حيث تخضع حسابات الدول الكبرى ومنها اميركا وروسيا لما تفرضه مصالحها الاستراتيجية فيحصل تبادل المصالح على حساب الدول الصغيرة والضعيفة، وهنا يكون العرب واللبنانيين هم اكثر الضحايا سواء عبر ما يجري في سوريا والعراق او ما يجري حاليا في فنزويلا.

ويعتبر الدبلوماسي ذاته ان وضع لبنان غير المتماسك سياسيا يسبب ثغرة ينفذ منها الذين يريدون فرض املاءات وشروط وبرامج عليه لغير مصلحته، ويقول: ان هذا الامر يفرض على اللبنانيين التضامن اولا لمواجهة الضغوط الخارجية وتأمين مصلحة لبنان والالتفاف حول الدولة، وحول رئيسها الذي يسعى قدر الامكان لتحقيق نوع من المناعة للبنان، خاصة بوجه الاطماع والتهديدات الاسرائيلية في الارض والبحر والجو. ويعتبر الدبلوماسي ذاته «ان انعدام الحس الوطني لدى البعض بلغ حدود التآمر الوطني، بتغليب مصالح الخارج على مصالح لبنان وشعبه».

ومن هذا المنطلق، يبدي الدبلوماسي المتابع عن كثب للوضع الدبلوماسي الدولي، مخاوفه على الجالية اللبنانية في فنزويلا اذا نجح الانقلابيون في الاطاحة بمادورو، مع احتمال دخول العدو الاسرائيلي على خط التحريض ضد افرادها، خاصة الذين ينتمون الى طائفة معينة او يؤيدون المقاومة في صراعها المشروع ضد الاحتلال الصهيوني.