المسؤولون الفرنسيون يصرون على أنه يجب محاكمة المقاتلين وزوجاتهم وسجنهم في سوريا، فيما عرضوا إعادة أطفال الجهاديين ووضعهم لدى أقاربهم في فرنسا.
 
 فتحت فرنسا الثلاثاء الباب أمام إعادة أكثر من مئة جهادي محتجزين في سوريا إلى الأراضي الفرنسية، في تغيير لافت لسياستها سببه عزم واشنطن على سحب قواتها من سوريا.
وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير إن بلاده تستعد لعودة عشرات المتشددين الفرنسيين الذين اعتقلتهم السلطات الكردية في سوريا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة سحب قواتها من هناك مما يمثل تحولا في سياسة باريس بشأن هذه المسألة.
وتواجه فرنسا مثل دول أوروبية أخرى صعوبات بشأن كيفية التعامل مع المتشددين وعائلاتهم والساعين للعودة من مناطق القتال في العراق وسوريا وكذلك الذين اعتقلوا بعد أن فقد تنظيم داعش قطاعات كبيرة من الأراضي.
وتمثلت سياسة الحكومة حتى الآن في الرفض التام لعودة المقاتلين وزوجاتهم، والذين وصفهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان بأنهم "أعداء" يجب محاكمتهم إما في سوريا أو العراق.
وقال كاستانير لتلفزيون (بي.إف.إم) "الأميركيون ينسحبون من سوريا وهناك أشخاص في السجن محتجزون بسبب وجود الأميركيين هناك وسيفرج عنهم. وهم سيرغبون في العودة إلى فرنسا".
وأضاف ردا على تقرير لتلفزيون (بي.إف.إم) لم يتم الكشف عن مصدره يقول إن 130 متشددا فرنسيا سيفرج عنهم في الأسابيع القادمة "أرغب في أن يمثل جميع العائدين إلى فرنسا على الفور أمام العدالة".
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان "نظراً للتطور في الوضع العسكري في شمال شرق سوريا، والقرارات الأميركية، ولضمان أمن الفرنسيين، فإننا ندرس جميع الخيارات لتجنب فرار وانتشار هؤلاء الأشخاص الخطرين".
وأوضحت الوزارة أن الجهاديين، الذين انضم العديد منهم إلى تنظيم داعش، سيواجهون اقسى الاجراءات القانونية. وأضافت "هؤلاء الأشخاص انضموا طوعاً إلى منظمة إرهابية تقاتل في بلاد الشام، وشنت هجمات في فرنسا وتواصل تهديدنا".
وتقول مصادر عسكرية ودبلوماسية إن قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتحظى بدعم ألفي جندي أميركي ومساندة جوية من دول من بينها فرنسا، تحتجز نحو 150 فرنسيا في شمال شرق سوريا.
وباستبعاد أفراد الأسر، تشير تقديرات المسؤولين إلى أن 250 فرنسيا متشددا ما زالوا يقاتلون في سوريا، بينهم 150 في منطقة هجين وهي واحدة من آخر الجيوب التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في شرق سوريا، والمئة الآخرون في محافظة إدلب.
ويقول المسؤولون الفرنسيون على نحو غير رسمي إنه لن يكون أمامهم أي خيار سوى تغيير السياسة بشأن المواطنين الذين ذهبوا للقتال في الشرق الأوسط في صفوف المتشددين. وتحاول باريس بالفعل إعادة القاصرين بعد النظر في كل حالة على حدة.
وقال وزير الداخلية الفرنسي "هؤلاء فرنسيون قبل أن يصبحوا جهاديين" نافيا أن تكون الحكومة قد ليّنت موقفها.وأضاف "إذا عادوا إلى فرنسا سيتم احتجازهم".
وأثار تصريحه انتقادات من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وكتبت زعيمة الحزب مارين لوبن على تويتر "هؤلاء جهاديون، ولذلك يجب أن لا يعتبروا فرنسيين بعد الآن".
وتخشى فرنسا أنه في حال اشتبكت القوات الكردية مع تركيا في شمال شرق سوريا، فقد يفر الجهاديون الأجانب المحتجزون هناك أو يتم الإفراج عنهم.
وسيشكل ذلك تهديداً لفرنسا التي نفذ فيها جهاديون عدداً من الهجمات القاتلة منذ 2015 بينها هجمات باريس في نوفمبر 2015 والتي قتل فيها 130 شخصا.
وفي سيناريو آخر يرسمه مسؤولون فرنسيون وتسعى باريس إلى تجنبه، يمكن أن يسعى الأكراد إلى الحصول على حماية من نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي يمكن أن يستخدم السجناء الفرنسيين كورقة مقايضة مع باريس.