أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الاثنين أن بلاده ترى أنه من الممكن أن تتوصل دمشق وأنقرة إلى اتفاق لتأمين الحدود المشتركة بينهما بعد سحب الولايات المتحدة لقواتها من شمال شرق سوريا.
 
وسبق أن كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأسبوع الماضي أن بلاده تجري محادثات غير مباشرة مع الحكومة السورية، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل.
وتضغط روسيا على تركيا لتفعيل اتفاق أضنة وما يعنيه ذلك من إعادة العلاقات بينها وبين النظام السوري، وتولي الأخير مهمة تأمين حدود بلاده التي تبسط أنقرة سيطرتها على جزء مهم منها، فيما الباقي تحت نفوذ قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي.
ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن لافروف قوله في مؤتمر صحافي “المشكلة الأمنية على الحدود السورية التركية بدأت بصورة أساسية نتيجة قرار الولايات المتحدة سحب وحداتها وقواتها الخاصة ومستشاريها العسكريين من هذه المناطق، وهذا الوضع يتطلب بكل وضوح خطوات عاجلة لمنع حدوث فراغ هناك”.
 
وأضاف “نرى أنه من الممكن جدا أن تحيي تركيا وسوريا اتفاقية أضنة الثنائية لعام 1998”. وأوضح “كما أفهم، فقد أصدرت الحكومة السورية مؤخرا بيانا بشأن استعدادها للعمل على أساس هذه الاتفاقية لتوفير الأمن على طول الحدود”.
وأجهضت روسيا طموح تركيا بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا سبق وأن طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يناير الجاري كحل وسط بين الأكراد وتركيا، بعيد قراره في 19 ديسمبر سحب قواته من سوريا.
ويرى متابعون أن تركيا ورغم تصريحات مسؤوليها بيد أنه لا يمكنها السير في خيار المنطقة الآمنة دون دعم روسي، لأن ذلك قد يقودها إلى مواجهة مفتوحة مع الأكراد الذين يعتبرون أن تولي أنقرة إنشاء هذه المنطقة في الأجزاء التي يسيطرون عليها هو تهديد وجودي لهم لا يمكنهم السماح به. وتزعم تركيا أنها تريد من خلال إقامة المنطقة الآمنة وضع حد لخطر وحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، بيد أن الرواية التركية لا تجد صداها لدى الكرملين في ظل قناعة بأن أنقرة تريد وضع يدها على كامل الشمال السوري إلى حدود العراق وما يعنيه ذلك من مزاحمة للنفوذ الروسي، فضلا عن أن ذلك يتعارض ومشروع دعم استعادة دمشق لسيطرتها الكاملة على البلاد.
وصرح لافروف بأنه تم التوصل لاتفاق من حيث المبدأ على عقد قمة لقادة الدول الثلاث الضامنة لمحادثات أستانة بشأن سوريا (روسيا وتركيا وإيران) في فبراير القادم، ويرجح مراقبون أن يركز هذا اللقاء على حل مشكلة الشمال السوري وأيضا إدلب التي باتت تشكل صداعا مزمنا خاصة مع سيطرة هيئة تحرير الشام على المحافظة الواقعة شمال غرب البلاد.
وقال لافروف “هناك اتفاق من حيث المبدأ، والتفاهم الأساسي يقضي بعقد قمة الشهر القادم للرؤساء الروسي والتركي والإيراني”. وكانت آخر قمة بهذه الصيغة قد عُقدت في طهران في السابع من سبتمبر الماضي. ومن المتوقع عقد القمة الجديدة في روسيا.
ويترافق الجدل بشأن الوضع في الشمال، مع مؤشرات عن قرب انطلاقة شارة بدء الانسحاب الأميركي، خاصة وأن قوات سوريا الديمقراطية نجحت خلال الأيام الماضية في السيطرة على الجيوب التي تحت نفوذ عناصر داعش. وتحاصر قوات سوريا الديمقراطية اليوم تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة تبلغ مساحتها أربعة كيلومترات مربعة قرب الحدود العراقية وتستعد للتقدم ضده.