ثقافة القائد والزعيم في وعي الشعوب وظيفتها التخدير والتدمير؟
 

من المفترض أن تكون حركة النوّاب زائدة غير ناقصة في ظل غياب جدي لتشكيل حكومة بعد أن تعددت عقد التأليف من نوعية الوزارات الى الكتلة السنية الملتمة على نفسها بإرادة شيعية وكان من المفترض أن نتعرف على السادة النواب في ظل انحباس حكومي فيظهرون تباعاً لمعرفتهم كيّ نتمكن من مشاهدة الوجوه النيرة لأقمار الطوائف الذين جاؤوا من عتمة الأحزاب ليشعلوا زيت الشعب الذي انتخبهم دون معرفة سابقة اذ تكفي شهادة أولي الأمر فيهم كيّ نذهب أفواجاً وأمواجاً الى المعركة الانتخابية لنعطي السمع و الطاعة لمن لهم علينا حق البيعة.

وفينا ببيعتنا وبولائنا وانتخبنا أسماء لا وجوه لها أو وجوهاً لا أسماء لها فلا ضير في ذلك طالما أن المعركة تتطلب الطاعة دون التمحيص والتدقيق ومعرفة سمات الهويات الضائعة ولم نزن أحداً منهم اكتفينا بما زانه وليّ الطاعة وعلى ذمته كيّ لا يختل ميزان العدل فنقعد في لوم لا نتيجة منه سوى الضرب على الرأس فتوجع رأسك ولا يهتز ذنب العدو.

إقرأ أيضًا: مارك ضو أكثر شيوعية من حنا غريب

لا أحد يُنكر أن الثقة تكمن في القائد لا في الأفراد لذا لم ينتخب أحد أحداً من هؤلاء القوم كل انتخب زعيمه في أي بقعة كان واللافت أن جماعة الزعيم أو القائد أو أيّ مسؤول تهيص اثناء الفوز وتصدق أن هذه الجماهير الغفيرة قد لبّت نداء الاختيار الصحيح فتمسّكت بجماعة من ذكور النحل كونهم يطنون جيداً في المناسبات الدينية والوطنية.

وبعد ركوبهم على أكتاف الفقراء يتفرقون كل بحسب اتجاهه ويصبح من النادر رؤية نائب الاّ اثناء اجتماع الكتل لقراءة البيان المعدّ سلفاً ولممازحة صحافيين أن كان من أهل النكات وبعد الاجتماعات الدورية يلوذ كل نائب بما حظي في حياة النيابة.

لا أعرف لماذا نوّاب الأمّة كالأمّة؟

لا فرق بين النواب والشعب فالعجز واحد ولا مسؤولية ولا امكانية لفعل شيء في بلد يموت وتنعدم فيه الحياة ولا من يحرك ساكناً فتظن الناس نيام أو انهم سكارى جهلهم لا يألفون سوى رحى الحرب لذا ينتظرونها بفارغ الصبر كيّ تبدل أحوالهم وتحرك سواكنهم وتنعش قبورهم لهذا تراهم يتحمسون لانفعالات الخطباء الثوريين ممن يراهنون على الحروب كيّ تستمر مشاريعهم اذ دون ذلك تنعدم فرص الوجود للمجاهدين كما ضاقت الأرض بما رحبت قديماً بأقدام المناضلين الثوريين الذين انتهوا بانتهاء الحروب.

إقرأ أيضًا: حكومة شحادة من مال الله يا عالم

عندما استراح الأخ ياسر عرفات وأصبح رئيساً للسلطة الفلسطينية انتهى دوره أصبح مجرد زبون سياسي في سوق السلام وعندما صعدت حماس سلم الجهاد سيطرت على نصف المجتمع العربي وعندما قاتلت فتح أكثر مما  قاتلت "اسرائيل" تبيّن أن المقاومة بنت الثورة الفلسطينية جزءّا من تجربتها المرّة وجدت كيّ تأكل نفسها لا من أكتاف عدوها.

ليت النواب يخرجون الى الشوارع التي أتاحت لهم فرص أن يكونوا نواباً فيقررون التطوع للعمل النيابي دون رواتب ويتحررون من ضغوط زعمائهم فيطلبون بتشكيل حكومة غير سياسية وبمعايير شفافة على أن لا يتقاضى الوزراء أجوراً استجابة لحالة الطوارىء التي يعيشها لبنان والتي يحتاج فيها الى منقذين يرتدون بذلات الاطفاء لا بذلات الماركات العالمية. بتقديري أن فرض المحال ليس بمحال طالما أن الظروف في لبنان ستفرض نفسها على الجميع وستدفع باتجاه أن يكون النواب والوزراء و أصحاب الرواتب الكبيرة مجرد مسؤوليين متطوعين للخدمة العامة.