ضرب الرئيس المكلف سعد الحريري موعدا جديدا بشأن الحكومة المنتظرة واعدا بالحسم في الاسبوع المقبل، لكن هذه المرة ليس للتأليف، وإنما لكي يضع حدا لما يجري من مراوحة قاتلة، فهل ينجح في تشكيلها، أو يعتذر، أو يداوم في السراي الكبيرة لتصريف الأعمال الى أن يبين الله أمرا كان مفعولا؟.

أسدل الستار على القمة العربية، وعاد التفاؤل سريعا الى الساحة السياسية بقرب ولادة الحكومة، لكن من دون أية معطيات تشير الى كيفية حصول هذه الولادة وعلى أي أساس، علما أن الحراك المستجد للرئيس المكلف يوحي بأن ثمة إتفاق تم بينه وبين الوزير جبران باسيل على تسوية يسعى الحريري الى تسويقها لدى الأطراف الأخرى، وقد وجدت قبولا لدى الرئيس نبيه بري الذي أعلن أن ″الرئيس الحريري يكثف جهوده من أجل أن تبصر الحكومة النور خلال أسبوع أو أقل″، وهذا الكلام كرره الحريري أمس بعد لقائه وليد جنبلاط رافضا الافصاح عن مزيد التفاصيل لكي لا يتم التخريب مجددا.

يبدو واضحا أن الحريري يتحرك وفق القواعد السابقة لتأليف الحكومة، بعد نعي صيغة الـ 32 وزيرا، وربما أيضا بعدما أيقن باسيل أن حصول تياره مع حصة رئيس الجمهورية على الثلث المعطل (11 وزيرا) بات ضربا من ضروب المستحيل بعد الرسائل العديدة المباشرة وغير المباشرة التي تلقاها في هذا الاطار، لتتقدم مجددا صيغة الثلاث عشرات، مع فتح المجال أمام مزيد من البحث في تبديل بعض الحقائب الوزارية لا سيما البيئة والصناعة، حيث يسعى الرئيس المكلف الى تدوير الزوايا في هذا الموضوع، باقناع الرئيس بري بالتخلي عن البيئة، وجنبلاط عن الصناعة، لكن مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي أكدت أن لا تنازل في الحقائب بعدما تم التنازل عن وزير درزي، ما من شأنه أن يصعّب من مهمة الحريري الذي باتت خياراته في الحقائب ضيقة جدا.

حراك الحريري تقرأه مصادر سياسية مطلعة بشكل مغاير، حيث تعتبر أن المشكلة باتت معروفة وهي لدى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، اللذان في حال تنازلا عن الوزير السني للقاء التشاوري الذي أبدى إيجابية قبل يومين تجاه رئيس الجمهورية، فإن الأمور تتجه نحو الحل وتبصر الحكومة النور إذا لم يكن هناك شأنا خارجيا يعطلها، محذرة من مخاطر البحث في إعادة توزيع الحقائب التي سبق وساهمت في تطيير الحكومة خصوصا في ظل تمسك كل فريق بالحقائب المخصصة له.

وترى هذه المصادر أن الحريري يدرك أن مفتاح تشكيل حكومته في جيب التيار الوطني الحر، وأن الزيارات التي يقوم بها هي من أجل وصل ما إنقطع مع الأصدقاء والحلفاء بعد السقطات التي وقع فيها خلال التحضير للقمة والاستفزاز الذي أحدثه لكثيرين، سواء بموضوع علاقته مع التيار الوطني الحر التي ″تجنن الكثيرين″، أو لجهة موقفه من عدم حضور ليبيا الى القمة العربية، ما أدى الى عين حمراء منهم تجاهه، لذلك حرص على لقاء الرئيس بري لاعادة المياه الى مجاريها والتأكيد على متانة العلاقة معه، ومن ثم زار جنبلاط لتطييب خاطره خصوصا بعد الهجوم العنيف الذي تعرض له، ومن المفترض أن يزور رئيس حزب القوات سمير جعجع بعد عودته من السفر وذلك من أجل تحصين جبهة حلفائه التي كاد أن يفقدها نتيجة مواقفه المنسقة الى حدود التماهي مع جبران باسيل.

يمكن القول إن الحريري وضع نفسه مجددا في ″خانة اليك″، وعمل على تكبيل نفسه بموعد جديد، حيث ينتظر اللبنانيون منه موقفا حاسما خلال الاسبوع المقبل، فهل يكون الحسم بحكومة تطلق عهد الرئيس عون وتنهي الأزمة المستمرة منذ تسعة أشهر، أم أن ثمة من دفع الحريري الى هذا الاعلان بهدف إحراجه تمهيدا لاخراجه، أم أن العهد سيستمر في تصريف الأعمال الى أجل غير مسمى؟!..