تكامل العملية الإعلامية المصطنعة لحزب الله مع مسرحية التهديدات المملة لقادة الحرس الثوري من إيران والتي أصبحت مثار سخرية لم يعد بالإمكان تحملها حتى على المستوى الشعبي والتعبوي
 

الدعاية تسبق الحدث، وما قبل الدعاية حملة مصطنعة بعنوان الشائعات، رتّبها وأعدها متخصصون بالشأن الإعلامي والإلكتروني، فخرجوا على العامة والتنظيم بمقولة "صمتك يرعبهم" فيما كان الرعب الحقيقي والواقعي من خلال استباحة إسرائيل للأرض والسماء، من لبنان إلى سوريا إلى إيران إلى فلسطين, تضرب هنا وهناك عسكريًا في سوريا مستهدفة الوجود الإيراني بشكل علني وصريح، وأمنيا في لبنان بعدما اتضح يوم أمس حجم الإختراق الذي اعلنته مخابرات الجيش اللبناني.

هكذا يعتدي الإعلام على مجتمعه، ويصور الهزائم انتصارات، فيستفيد من الصمت السلبي ليجعله موقفا سياسيا ذا أبعاد تعبوية بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي المتأزم الذي يعاني منه حزب الله قبل غيره سياسيًا وداخليًا وعلى مستوى الصراع خارج الحدود.

إقرأ أيضًا: ماسحُ الأحذية الذي يمسح عاركم

تتكامل العملية الإعلامية المصطنعة لحزب الله مع مسرحية التهديدات المملة لقادة الحرس الثوري من إيران والتي أصبحت مثار سخرية لم يعد بالإمكان تحملها حتى على المستوى الشعبي والتعبوي، إذ أن ما يحصل في سوريا بشكل شبه يومي على مستوى الهجمات الاسرائيلية التي تستهدف القوات الإيرانية بات يطرح الكثير من النكات الكوميدية بالنظر إلى ما يحصل على أرض الواقع وما نسمعه من التهديدات بزوال إسرائيل بشكل شبه يومي.

هذا العالم لم يعد يتسع لمزيد من السخرية السياسية ولم يعد يتسع لمزيد من الكذب السياسي، ولم تعد الشعوب الواعية تتحمل فكرة هذا الإستغباء أو الإستحمار، طالما كانت الصورة وما زالت واضحة، ولم تعد تلك التهديدات السابقة (7 دقايق ونص) والجديدة (زوال إسرائيل عن الخريطة) مقبولة إلا لمن وهب عقله ووعيه لغيره زعيمًا كان أو رئيسًا أو فقيهًا أو وليًا.

إقرأ أيضًا: يوسف اللبناني وإخوته العرب

"إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت" العبارة التي يغنيها كثيرون، والعبارة التي أريد لها أن تكون في وعي الشعوب قاعدة في حقبة ما، لكنها اليوم ومع ما يحصل أصبحت أكذوبة، فها هي إسرائيل العدو وإسرائيل الضعيفة، وإسرائيل الواهنة تستبيح المنطقة بطولها وعرضها من الجو وعلى الأرض، تقصف وتضرب دون رادع، بل  ودون رد، الإستباحة الاسرائيلية لسورية أم لإيران على الاراضي السورية تثبت مع كل اعتداء اسرائيلي أين هو بيت العنكبوت.

هذه هي صناعة الإعلام الذي يهدف دائما إلى بث الإنتصارات الواهية في وقت نقتل فيه كل يوم، هذا هو الإعلام الذي جعل من الصمت انتصار فيما نعلم ان الصمت ضعف ووهن وربما هزيمة، لأن ما يحصل اليوم بات أكبر مما كان البعض يعتقد وأن الإنتصارات السابقة هي سابقة في زمانها ومكانها، أما اليوم فنحن بحاجة إلى جرأة أكثر في طرح الوقائع كما هي لأن الناس لم تعد تتحمل الفبركات الإعلامية ولم تعد تحتمل الكذب السياسي.

هذا الجمهور المرتبك أصبح اليوم بحاجة إلى فهم الواقع المرتبك ولم تعد تنفع الدعاية الإعلامية ولا المصطلحات السياسية التي كانت في وقتها وسيلة للتعبئة لكنها اليوم تسيء أكثر وأكثر.