هل ستطلق القمة الاقتصادية عجلة التأليف الحكومي من جديد؟
 
 
قمة عربية اقتصادية اجتماعية هزيلة بالشكل تعبّر في مضمونها عن واقع عربي مأزوم. فيما لبنان الرسمي في ضياع فرضه سوء التقدير في السياسة الخارجية، وغياب التوافق في رسم سياسة داخلية صحيحة، كان نتيجتها فراغ حكومي لا احد يعرف متى ينتهي، انعكس ايضا على نظرة اشقائه له فكان ما كان.  انعقدت القمة في غياب معظم القادة العرب الذين ارسلوا موفدين عنهم، وبمشاركة امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني شخصيا، الذي سيحظى حضوره باهتمام لافت لا سيما أنه سيقتصر الحضور فيها على ممثلين عن باقي القادة. 
 
 
وفي حين لن يميز القمة سوى هزالة التمثيل فيها، اعلن الناطق باسمها ان رئيس الجمهورية ميشال عون سيطلق مبادرة ستميّز قمة بيروت كما درجت العادة في ان تكون هناك مبادرات من رؤساء القمم الاقتصادية التي تنعقد تباعا. وسيكون في كلمته كلام حول اهمية العمل العربي المشترك، وعن واقع امّتنا العربية، والصعوبات والمشاكل التي واجهت بعض الدول العربية، وكذلك سيتطرق الى الواقع الاقتصادي العربي. القمة العربية الاقتصادية يتضمن جدول أعمالها ما يقارب الخمسة والعشرين بنداً لكن أيًا من هذه البنود لا يتضمن أي ملف يتعلق بلبنان بشكل مباشر أو بالأزمة الحقيقية التي يعاني منها لبنان، وهي أزمة النازحين السوريين، فإذا كانت القمة اسمها قمة اقتصادية وتنموية فالحري بها ان تناقش الملف الآنف الذكر وهو ملف النازحين السوريين، فإذا لم يكن الأمر كذلك، فما هو الجانب المهم للبنان من هذه القمة؟ ويمكن القول ان لبنان فشل في تحدّي استضافة القمة. وتداعيات هزالة التمثيل  ظهرت  في افتتاح مؤتمر القمة ومن ثم اعمال المؤتمر الذي سيشكل خيبة سيحصد بعدها لبنان خيبات اضافية، فضلا عن عدم تحقيق اي مكاسب من انعقاد القمة على اراضيه.
 
 الاجتماعات التحضيرية للقمة كشفت الانقسام حول عدد من القضايا والمسائل، لاسيما موضوع النازحين، وعودة سورية الى شغل مقعدها في الجامعة العربية، وترى مصادر سياسية ان هذا الانقسام سيكون له تداعيات على مسألة تأليف الحكومة التي لا يبدو انها ستتشكل في مدى قريب. وكانت فاعليات القمة بدأت باجتماع مجلس وزراء الخارجية والاقتصاد، وعلم ان البند 13 من جدول الاعمال شهد نقاشا وتباعدا حول الأعباء المترتبة على استضافة النازحين. فيما جرى اقرار 29 بندا من جدول الاعمال. 
 
فهل وقع المحظور العربي بالنسبة إلى لبنان؟ دولتان من أصل اثنتين وعشرين ستشكلان مع رئيس الجمهورية اللبناني، ثلاث دول تحضر القمة العربية الاقتصادية، في سابقة لم تشهدها القمم العربية، لا العادية ولا الطارئة ولا الاقتصادية، قمة كانت التقديرات قد بدأت بان يحضرها تسعة رؤساء دول، ثم انخفض العدد الى اثنين، السبعة الذين الغوا حضورهم كان لدى كل واحد منهم اسبابه، لكن النتيجة واحدة: الانكفاء عن لبنان في وقت يبدو الوطن الصغير في أمس الحاجة الى اشقائه ولا سيما مَن هُم في موقع القادر على العطاء. إنها نكسة ما بعدها نكسة، خصوصًا انها ستحول العاصمة وبعض الضواحي الى منطقة مغلقة تُقفل، كما ان الكثير من المؤسسات ستقفل ابوابها، فأي إفادة سيجني لبنان انطلاقا من هذا الواقع؟ فأزمة الاسواق لم تعد خافية على أحد، وهي واضحة بالعين المجردة، ولا ينفع معها التستر أو التخفيف من عمق الازمة .
 
 المؤشرات المرتقبة الى ان الوضع سيعود تدريجًا الى مرحلة نشاط السلطة التنفيذية، هو تصاعد الحديث عن إمكان عقد جلسات مجلس الوزراء لحكومة تصريف الأعمال، وهناك مَن يتحدث عن ان الجلسات ستُعقَد بعد انتهاء أعمال القمة . لكن الأمر لن يكون مباشرة بعد القمة بل بعد اسبوع على الاقل من انتهاء القمة، وسبب التأخير ان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري سيكون في سويسرا مطلع الاسبوع المقبل للمشاركة في أعمال وجلسات مؤتمر "دافوس" وحيث سيجري أكثر من لقاء مع قادة العالم على هامش المؤتمر.
 
 لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا: ماذا تحقق كل هذه النشاطات واللقاءات إذا كانت عقدة تشكيل الحكومة على حالها من المراوحة؟ وإذا كان الوضع المالي والاقتصادي يتطلب أكثر من مجرد اجتماعات وامنيات.