ولعت بين جمهور صار الوقت ومناصرو أمل صبّوا غضبهم: رهن إشارة بري ...
 
يبدو أنّ الإنقسام السياسيّ والطائفيّ الذي يمرُّ به لبنان، أعمق ممّا كان عليه إبّان الحرب الأهليّة، رغم إنطواء صفحتها منذ أكثر من 27 عامًا لا يزال لبنان يدفع ثمنها باهظًا.

في ظلّ الأزمات التي يواجهها لبنان على أكثر من صعيد يبقى الإنقسام الطائفيّ هو الأخطر لأنّ الصراع لم يعد حول مشاريع سياسيّة فقط، بل إتخذ طابعًا مذهبيًّا. ومع كلّ يوم يمرّ دون التوصّل إلى حلّ للأزمة يترسّخ هذا الإستقطاب الطائفيّ في النفوس، و بدا ذلك واضحًا لاسيّما ما بين الشباب بعد أن أجبرهم جوّ الشحن الطائفيّ على التمترس في هذا الخندق.

والذي حصل يوم أمس، ضمن برنامج "صار الوقت"، على شاشة الـ Mtv، أكبر دليل على ذلك وفي التفاصيل أنّ إشكالًا وقع بعد مداخلة لـِ مناصر من "حزب الكتائب" علّق فيها على أحداث  6 شباط، حيث قال: "من المؤسف بعد 30 سنة هناك من يهددنا بـ6 شباط ويتمرّد على الشرعيّة اللّبنانيّة، وإذا كنتم تعتقدون أنّ ليبيا خطفت الإمام موسى الصدر، ففي كلّ منزل لبناني هناك شهيد قُتل على يدّ النظام السوريّ، وهناك إزدواجيّة بالتعاطي بين النظامين الليبي والسوري". 
 
إقرأ أيضًا: " القمّة الإقتصاديّة لنا أم علينا؟ "
وهنا إرتفعت أصوات بعض مناصري "أمل" الذين رفضوا ما قاله مناصر "الكتائب"، وحاول النائب هاني قبيسي تهدئة الجمهور الغاضب، لكنّهم إستمروا بالمناوشات حتى تدخّل الإعلامي مارسيل غانم شخصيًّا، وطلب منهم وقف الجدل القائم. 

وقال أحد شبّان "أمل": "نحن رهن إشارة الرئيس نبيه بري"، فأعاد مارسيل ما قاله الشاب لتهدئة الوضع: "أوكي نحن رهن إشارة نبيه بري"، وأعلن عن الدخول بفاصل إعلانيّ.

وللحفاظ على وجودهم ومصالحهم الخاصّة، يختلق الزعماء في لبنان المشكلات وظهر ذلك خلال الأيّام القليلة الماضية، لاسيّما مع إصرار وزير الخارجيّة جبران باسيل الإصرار على دعوة سوريا إلى القمّة الإقتصاديّة على رغم تعليق عضويتها المؤقت في جامعة الدول العربيّة، معتبرًا بهذه الخطوة أنّه سيهزم خصومه المحليّين، ويُبعدهم عن التأثير في الداخل.

ويستغلّ حزب الله هذه الظروف ليفتح الطريق لسيطرة إيران على لبنان من خلال تفريغه أمنيّاً وسياسيّاً.

وتكمن المشكلة في الجوّ الذي يعيشه لبنان من تأثيرات "جيوبوليتكيّة" على كيانه ونظامه، وعلى أمنه وإستقراره.وإذا كان اللّبنانيّون لا يستطيعون تغيّير دور الجغرافيا في تطوّرات أوضاع كيانهم الوطنيّ، فإنّ بإمكانهم حتماً تصحيح الخطيئة التاريخيّة المستمرّة في طبيعة نظامهم الطائفيّ السياسيّ..

ولا بدّ التنويه إلى أنّ قضيّة الإمام موسى الصدر ليست عابرة بل قضيّة وطنيّة، وليس من المُمكن تحجيمها.