هل فشل لقاء بكركي؟ وما الذي أراده البطرك من هذا اللقاء؟
 

لبنان في مهب العواصف المتلاحقة والمناخية منها، ورغم ما خلفته من أضرار وكوارث، ليست شيئاً يذكر أمام العواصف والصراعات الدولية الإقليمية العربية والمتابعون عن قرب لا يترددون في الكشف عما يمكن أن تؤول اليه التطورات الخارجية، في الواقع اللبناني، مشفوعة بانقسامات لبنانية  لبنانية على خلفيات سياسية طائفية مذهبية، بل ومناطقية. الدوائر العسكرية والأمنية في وضع بالغ الحذر.

والدولة اللبنانية من دون حكومة كاملة الأوصاف منذ نحو ثمانية أشهر واللبنانيون عموماً، يضعون أيديهم على قلوبهم مما يمكن أن تؤول اليه التطورات، وقد باتت الساحة الداخلية مهيأة، بنسبة او بأخرى لاستقبال المآسي.! 

ولقاء بكركي انعقد في لحظة مصيرية بالغة الدقة زادتها دقة وصعوبة وتعقيداً الأحداث الجسيمة التي شهدتها الساحة الداخلية في الأيام الاخيرة وما رافقها من تحدٍ ترجم على الأرض تحركات كانت مدار اهتمام خارجي ربما أكثر من الاهتمام الداخلي بدليل ما حفلت به نشرات أخبار سائر وسائط الإعلام العربية والاقليمية والدولية، أُرفقت بتعليقات لم تصب في مصلحة لبنان بأقل تقدير، وهذا امر آخر لسنا بداعي الخوض فيه الآن.

إقرأ أيضًا: زيارة هيل المستجدة والاشتباك اللبناني الصعب

أمام لقاء بكركي عنوان كبير تتفرع منه عناوين عديدة ذات أهمية: ما هو دور الموارنة في لبنان؟

والسؤال هل لا يزال هذا الدور حاجة وطنية؟ ومن المسؤول عن سقوط الدور منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، وأساساً هل لا يزال ثمة دور ماروني كي يدور الحوار حوله؟! واذا كان هذا الدور ضرورة هل من سبيل لاستعادته من ضمن التحولات الدستورية والديموغرافية وليس خروجاً عليها.

ولا يخفى على أي متابع أنّ التطورات والمستجدات وأبرزها عرقلة تشكيل الحكومة ومحاولة عرقلة عقد القمة العربية التنموية أوجدت مزيداً من القلق المصيري لدى القيادات المارونية الروحية والزمنية ليس فقط على الطائفة إنما أيضاً على لبنان الذي ما كان ليكون وطناً فريداً لولا الموارنة وطبعاً سائر الأطياف أيضاً، إنما بنسبٍ مختلفة.

إقرأ أيضًا: الظروف الإستثنائية والمسار المُعرقل للحلول

لم تجر رياح لقاء بكركي كما اشتهتها سفن البطريرك الجامع عرّاب المبادرة، فاللقاء أتى متصالحًا مع واقعه، بمعنى أنه كان انعكاسًا صريحًا لما يعيشه القادة المسيحيون في الساحة السياسية وفي دقائقهم من خلافات وأحقاد، لم يحاول هؤلاء الضغط على الجرح بتلميع الصورة ولا استغلال فرصة الوجود على طاولة واحدة للتقارب ونكء الجراح. 

هو لقاءُ صون الهيبة وصيانتها، هكذا كان يجب أن يكون، صحيحٌ أن لقاء بكركي كان بهذا العنوان وحمل كثيرًا من العناوين السياسية والاقتصادية والمعيشية، بيد أنّها ضمنيًّا كانت تنطوي على هدف الحفاظ على موقع المسيحيين في لبنان، بمعنى آخر على العهد المسيحي عبثًا حاول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التعتيم على حجم الخلافات تلافيًا للشماتة. حتمًا لم يفلح، وكأني به يغطي عورات العالم كلّها بعباءة صغيرة. في المحصّلة، كما دخل الزعماء المسيحيون خرجوا. 

اليوم وبعد اللقاء، ما زالت بكركي تنظر إلى المدى البعيد، فتحاول، ولو أنها على يقين بفشل المحاولة، لمّ الشمل بلا نجاح بعد أن تتيقّن من أنّ جميع من جمعتهم يعملون لأجل هدف واحد: رئاسة الجمهورية.