حال طقس سيّئة... إضراب عام في البلاد بسبب الحال الإقتصادية المزرية... إضراب الأساتذة في المدارس للحصول على حقوقهم... إضراب موظفي القطاع العام والخاص... إضراب شامل في البلاد بسبب غلاء المعيشة وغيرها، أسبابٌ تدفع المدارس لإقفال أبوابها. ويشعر التلاميذ بفرح عارم عند سماعهم خبر العطلة وكأنّهم ربحوا جائزةَ ما، لكنّ مشاعر الفرح والغبطة والسعادة هذه تقابلها مشاعر غضب وحزن وأسى عند الأهل الذين لا يحبّذون إطلاقاً بقاء أطفالهم في البيت والغياب عن المدرسة مهما كان السبب. وتظهر المشاكل بين الوالدين وأطفالهم وتتفاقم لا سيما إذا تعدّدت أيّام البقاء في البيت من دون مدرسة. فما هي الأسباب النفسية التي تجعل التلميذ يحب يوم العطلة؟ وكيف يمكن للأهل أن يخفّفوا من وطأة هذا الغياب وتخفيف المشاكل مع أطفالهم؟
 

خلال الأسبوعين الماضيين، مرّت أيّام عدّة حيث كانت حال الطقس لا تسمح بفتح المدارس أبوابها. فأقفلت بقرار رسمي وبقي التلامذة في بيوتهم.

ويجب التنويه أنّ الطلاب كلهم سواء كسالى أم مجتهدين يبتهجون يوم العطلة، فهم ينامون بضع ساعات إضافية في الصباح ويقومون بنشاطاتهم المفضّلة خلال النهار... إلّا أنّ الواقعة مرهقة للأهل الذين «يكرهون» يوم العطلة هذا لأسباب كثيرة أهمّها الحيرة و«كيف يمكن لأطفالنا أن يستفيدوا من يوم العطلة؟».

ما أهمية العطلة بالنسبة للتلامذة؟

المدرسة هي البيت الثاني للتلميذ. هي تهتم بصقل شخصيته وتساعده في كسب العادات الحسنة، كما تحرص على تهذيب سلوكه وتقوّي صفاته الحميدة.

وطبعاً، للمدرسة دور أساسي في تثقيف الطفل وتحضيره لمواجهة المجتمع من خلال الالتزام في حضور الصفوف يوميّاً دون تأخير على مواعيد الدراسة.

كما تشجّع الطفل على القيام بواجباته المنزلية وغيرها من العادات التي يتعلّم من خلالها تنظيم حياته. فتحوّل التلميذ إلى شخص صادق، ملتزم، يحترم الوقت والآخرين ويعامل الجميع بعدل.

إلّا أنّ جميع التلامذة، إذا يمكننا تعميم ذلك، يحبون العطلة حتى لو كانت ليوم واحد. فما هي الأسباب النفسية والنفسية-الإجتماعية التي تجعلهم متعلّقون بالعطل وما أهمية هذه العطل؟

إنّ يوم العطلة هو كيوم يجدّد فيه الطفل طاقته. فهذا الأخير بحاجة للطاقة لكي يستطيع الإستمرار بالدراسة.

ولا يستطيع أحد إنكار أنّ العطلة ليوم واحد مهما كان سببها، وحتى لو كانت «قصيرة»، تريح التلميذ جسدياً ونفسياً. فيتألّف يوم التلميذ المدرسي من الأقسام التالية: الإستيقاظ صباحاً وحضور المدرسة لثماني ساعات والتركيز والمشاركة... فكل تلك الأمور تجعل النهار الدراسي متعباً. أمّا خلال نهار العطلة، فيمكن أن يقوم الطفل بالنشاطات التي يحب أن يمارسها والتي لم يكن يجد الوقت لممارستها خلال أيام الأسبوع الدراسية.

وتسمح له العطلة بممارسة بعض النشاطات مع أصحابه، خاصة في فترة بعد الظهر حيث يمكن للتلامذة زيارة بعضهم البعض. كما يمكن للتلامذة الذين لم يدرسوا بعض المواد (لأسباب ضيق الوقت) أن يستفيدوا من هذه الفرصة للتعويض في دروسهم. وتسمح العطلة ليوم واحد للتلميذ بمساعدة الأهل، خاصة الأم، في البيت. كما يمكنهم مساعدة إخوتهم وأخواتهم في فروضهم أو اللعب معهم.

الأهل وعطلة أطفالهم

عندما يعرف بعض الأهل أنّ يوم غد هو يوم عطلة لطفلهم، تبدأ المشاكل. فهناك الكثير من الآباء والأمهات الذي يشعرون بالقلق عندما يعرفون أنّ طفلهم سيقضي يوماً أو عدة أيّام في البيت، ناهيك عن إستراحة نهاية الأسبوع. فكيف يمكن للأهل أن يخفّفوا من هذا القلق الذين يعيشونه بسبب «عطلة 24 ساعة» قبل عودة طفلهم إلى المدرسة؟

أوّلاً، يجب على الأهل أن يفكّروا بكيفية تمضية هذا اليوم، فيمكن أن يقوموا بنشاطات مع طفلهم أو تخصيص بعض الوقت له لأنّ الفرصة لا تتسنّى لهم خلال الاسبوع.

ثانياً، الخروج والتسلية خارج البيت مع طفلهم الذي ينتظر أيَّ مناسبة للتسكّع مع الأهل وتمضية أجمل الأوقات التي ستبقى محفورة في ذاكرته.

ثالثاً، يكره بعض الأهالي العطل بسبب عدم قدرتهم تمضية وقتهم مع أطفالهم لانشغالهم بعملهم الذي لا يسمح لهم بمشاركة طفلهم يوم طلته.

رابعاً، لا يحبّذ بعض الأهال العطلة لأنّهم يعتبرون أنّها يوم يخسره الطفل لا يستطيع فيه أن يلتحق بالمدرسة والإستفادة من الحصص الدراسية.

دور الأهل تجاه طفلهم في العطلة

يلعب الأهل دوراً أساساً تجاه طفلهم في نهار العطلة. وهناك بعض الإرشادات والتوجيهات التي يمكن أن يطبّقها الأهل والتي يجب مراعاتها والعمل بها خلال نهار العطلة وهي:

• عدم إلقاء اللوم والغضب على أطفالكم. ففي نهاية المطاف، لا دخل لطفلكم بالأمر، فليس هو مَن قرّر الحصول على يوم عطلة.

• ممارسة أيّ نشاط يحبّه الطفل والإستمتاع به معه. فالطفل يهتم جدّاً بمشاركتكم كأهل بهذا النشاط.

• عدم إحراج الطفل وجعله يشعر أنّكم منزعجون من وجوده في البيت. بل فسّروا له سببَ العطلة (إضراب أو سوء الطقس) والإتفاق معه بخصوص كيفية قضاء العطلة (إن كان ذلك بالدرس أو بالتسلية).