بالرفض صوّت 432 نائباً في البرلمان البريطاني على اتفاق "بريكست"، مقابل 202 نائباً صوتوا بالموافقة، نتيجةٌ تمحوِر الأنظار باتجاه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي فاوضت على الاتفاق نفسه للخروج من الاتحاد الأوروبي.

 

يجزم متابعون أن هذه النتيجة تمهّد الطريق باتجاه طرح الثقة بحكومة ماي، إذ يصوت مجلس العموم البريطاني مساء اليوم على اقتراح حجب الثقة الذي قدمه زعيم حزب العمال جيرمي كوربن.

فهل ستكون نتائج الأمس مقدمة للإطاحة بماي، وبالتالي الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق؟

سيناريوهان يطرحهما الاختصاصي بالعلاقات الدولية والسياسة الخارجية الدكتور خالد العزّي لجلسة مجلس العموم اليوم، إما التوافق بين العقلاء على عدم سحب الثقة من حكومة ماي وطلب تمديد عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي لـ6 اشهر ريثما يتم الاتفاق على تخريجة تقي بريطانيا شر الخسارات الكارثية، على اعتبار أن اتفاق ماي وإن كان مجحف، إلا انه إنقاذي وأسوأ الممكن. وإما أن يتم سحب الثقة من الحكومة من دون أي اتفاق يؤمن خروج بريطانيا بالحد الأدنى من الخسارات.

ويتيح الخيار الأول الفرصة لإعادة ترتيب البيت البريطاني، تشكيل حكومة جديدة، والتوافق على انتخابات مبكرة تعمل لاحقاً على إعادة الاستفتاء، إذ كان الشعب البريطاني، بحسب العزّي غير مدرك أو محيط بخطورة ما صوّت عليه، وكان ضحية خطاب شعبوي يحمل مفهوم التطرف في طياته، نتيجة الخطأ الكبير الذي أقدمت عليه المعارضة الشرسة، كونها لم تعمل على إعلان ثقافة الخروج ولم توضّح للبريطانيين ما هو الثمن الذي سيدفعونه في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

أما الخيار الثاني (أي الخروج من دون توافق) فهو كما حذّرت ماي "سيفتت بريطانيا"، وفي مقدمة هذا التفتيت سيكون مطالبة إيرلندا الشمالية وويلز بالاستقلال عن بريطانيا، علماً أنه خطيئة سيدفع ثمنها الفقراء في بريطانيا وليس الأغنياء، بالإضافة لمشاكل أخرى كبيرة تبدأ بخروج رأس المال الأوروبي من بريطانيا، ورفع إسبانيا السقف بوجه بريطانيا في قضية مضيق جبل طارق الذي يخضع للمراقبة البريطانية، ولا تنتهي بقضايا الجمارك والصيد في البحار المفتوحة وتأشيرات الدخول إلى أوروبا.

يصف العزّي في حديثه لموقع "السياسة" ما تمرّ به بريطانيا بالمرحلة الأسوأ تاريخياً، إذ أن عملية التصويت التي حصلت يوم أمس بفارق الأصوات الكبير، لم يحدث نهائياً منذ العام 1924، الأمر الذي يعني أن بريطانيا تعيش أزمة سياسية، مالية، أخلاقية وأزمة انتماء وهوية.

فهل يطيح مجلس العموم اليوم بحكومة ماي ومستقبل بريطانيا على حدٍ سواء، أم يجنّب المملكة الوقوع بمهوار الأزمة الأصعب في تاريخها؟!