إيران ترد على هيل من بيروت...
تُعتبر الدولة الإيرانيّة راعيًا أساسيًّا ورسميًّا لـِ حزب الله في لبنان، لاسيّما وأنّها تحرّكه بفعل الأجندة التي وضعتها لـِ لبنان شأنها شأن الدول العربيّة التي تمتلكُ فيها أذرع عسكريّة بدءًا من سوريا، اليمن وصولًا إلى البحرين والعراق.
ينجلي التدخّل الإيرانيّ في لبنان على كافّة أوجه الحياة السياسيّة التي تنعكس تداعياتها بشكلٍ مباشر على الجوانب الإقتصاديّة، الأمنيّة والإجتماعيّة، ويعيشُ لبنان على هذا الحال بعد إنسحاب الجيش السوريّ عن الأراضي اللّبنانيّة عام 2005.
وأولى مفاعيل التدخّل الإيرانيّ هو تعطيله الرئاسات الثلاث في لبنان بإستخدام حزب الله، حيث ما يهمّ إيران في هذه المرحلة هو تعطيل تشكيل الحكومة والتي لم تنفع معها الحوارات والمساعي الداخليّة لحلحلة هذا الملف لذا بقي رأس السلطة التنفيذيّة معلقًا منذ أيّار المنصرم حتى إشعار آخر.
إقرأ أيضًا :" إستنفار بكركي خوفًا على الصلاحيّات أو لتسريع الحكومة؟"
وتركيبة لبنان الطائفيّة والمذهبيّة وتوزّع القوى السياسيّة، ولأنّ المكلّف بتشكيل الحكومة هو الرئيس سعد الحريري، فمن الصعب الخروج من المأزق الراهن من دون دفع أثمان.
وردًّا على مواقف وكيل وزارة الخارجيّة الأميركيّة للشؤون السياسيّة ديفيد هيل، لدى زياته بيروت الذي تجنّب التطرّق إلى ملف مشاركة لبنان في قمّة وارسو الشهر المقبل خلال لقاءاته مع الرؤساء اللّبنانييّن، منعاً لإحراج بيروت التي دخلت منطقة التجاذب الأميركيّ – الإيرانيّ، إتخذت إيران أمس منحى تصعيدياً رداً عليه عبر المنبر اللّبنانيّ.
أصدرت السفارة الإيرانيّة في بيروت بيانًا جاء فيه: "وجودنا الإستشاري العسكري في سورية، لا يحتاج إلى إذن من أحد"، فيما زار السفير الإيراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ليطالب الولايات المتحدة بالخروج من سوريا.
وشدّد السفير فيروزنيا ردًا على سؤال أنّ زيارته الحريري تأتي للردّ على زيارة هيل،
قائلًا: "طبعًا. ما يهمنا بالدرجة الأولى هو العلاقات الثنائية البناءة والمميزة بين لبنان وإيران ونركز على هذا الامر اكثر من اي شيء".
واعتبرت السفارة الإيرانيّة زيارة هيل، الذي كان غادر بيروت لتوه، بأنّها "في إطار الزيارات الإستفزازية والتحريضية لعدد من المسؤولين الأميركيين في بعض الدول والتي تتقاطع مع مستجدات إقليمية أظهرت إنتكاسة سياسات الإدارة الأميركية وفشلها وخيباتها المتكررة". ورأت أنّ المواقف التي أطلقها هيل، بأنّها "لا تندرج إلا في إطار التدخل السافر في شؤون الغير وإملاء القرارات".
وأوضحت أن "الاستراتيجية الأميركية في ظل هذه الإدارة المتعجرفة والمتخبطة والناهبة لثروات شعوب المنطقة والخارجة عن القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والمبنية على التهويل والترويع والتهديد والتدخل في شؤون الدول، تسعى الى تغيير مسار سياسات مصالح الدول بحسب مزاجها ومصالحها الإقليمية والعالمية، ولتكريس الإحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والمسلمين والمسيحيين في القدس الشريف. وتقوم هذه الإستراتيجية على اختلاق الحروب وإيجاد الفتن بين الدول ومكونات الشعب الواحد".
واتهمت هيل بأنّه "يتجاهل أن بلده كان الحاضن الأكبر والداعم الأساسي للحركات المتطرفة الإرهابية ومنها "داعش" التي أحرقت الأخضر واليابس بدعم مالي ولوجستي إقليمي وأميركي للقضاء على محور المقاومة في المنطقة ولولا حكمة وصمود وتضحيات المتحالفين وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وجه أميركا لكانت العديد من دول المنطقة تعيش تحت رحمة الإرهابيين والتكفيريين"، معتبرة أن "أميركا تبحث عما يعوض هزائمها".
واعتبرت أن "وجودنا الإستشاري العسكري في سورية جاء بطلب من الحكومة السورية الشرعية".
وذكرت أنه "كون المبعوث الأميركي عمل سابقا في لبنان، يعلم جيدا كيف وقفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب لبنان، حكومة وشعبا، في مسعاه الى تحرير أراضيه عندما كانت ترزح أجزاء كبيرة منها تحت نير الإحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي كانت (تقف) أميركا متفرجة، وداعمة للكيان الصهيوني، فالحرص على الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وعزته وكرامته لا يكون من خلال التغاضي عن التهديدات الإسرائيلية المتكررة للبنان".
وقالت السفارة الإيرانية أن "لبنان أصبح بفضل قيادته الحكيمة وحكومته وشعبه وجيشه ومقاومته المسؤولة، رقما صعبا في المعادلات الإقليمية بحيث لا يسمح لأي طرف بأن يملي عليه القرارات الخاطئة".
وشدّدت إيران "وفي إطار العلاقات الثنائية مع الحكومة اللبنانية والتعاون المشروع مع كل الأحزاب والتيارات السياسية والإجتماعية، تواصل دورها لتكريس الإستقرار والأمن في لبنان... ولن تدخر جهدا لأي تعاون مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني والمقاومة المفتخرة".
وتدخّل حزب الله في سوريا كان بناءً على طلب إيرانيّ عندما أوشك نظام بشار الأسد على السقوط. وتبقى هيبة السلاح غير الشرعيّ الذي يٌهدّد أمن لبنان إحدى الأزمات التي تقلق لبنان وشعبه والذي بّلت بوصلة إستخدامه ووجّهت إلى الداخل بعد أن كان دوره يقتصر على محاربة العدو الإسرائيليّ وقد ظهر هذا الأمر جليًّا خلال أحداث 7 أيار من عام 2008.
نعم، التدخّل الإيراني للبنان مرفوض من الشعب اللّبنانيّ، ولكن نضع علامة إستفهام حول الذي فعلناه حتى الآن لإنقاذ لبنان من القبضة الإيرانيّة، والإجابة: لا شيء، بل أبعد من هذه الـ»لا شيء» لقد تخاذل السياسيّون في لبنان بفعل مصالحهم الخاصّة.