المعترضون على مشاركة النظام الليبي الجديد في قمة بيروت على ماذا يعترضون ومن يطاردون؟
 

مع هدوء عاصفة مشاركة ليبيا في اجتماعات القمة الاقتصادية العربية المزمع انعقادها في بيروت نهاية الأسبوع الجاري، بعد استنكاف ليبيا عن الحضور إثر موجة الاحتجاجات "الشيعية"، والتي تزعمتها حركة أمل، بات من الممكن تسجيل هاتين الملاحظتين العابرتين.

أولاً: مُطاردة الأشباح...

لطالما اعتُبر قائد ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969، معمر القذافي هو المسؤول الأول والأخير عن جريمة إخفاء سماحة السيد موسى الصدر ورفيقيه (وتصفيتهم الجسدية فوراً على الأغلب)، فهو صاحب دعوة السيد الصدر للمشاركة في احتفالات الثورة ضد النظام الملكي عام 1978، وهو الآمر الناهي في ليبيا آنذاك، وهو كما عُرف عنه، ذو شخصية مزاجية استبداديّة، إجراميّة غير مُتّزنة عقلياً ولا نفسياً، وقد دفع الإمام الصدر حياته ثمناً لقاء إقامته علاقة شخصية مع مُستبدٍّ حكم ليبيا بالحديد والنار طوال أربعين عاماً، أمعن خلالها في تبديد ثروات الشعب الليبي، وفرض سياسات اقتصادية واجتماعية عشوائية، حتى تمكن الشعب الليبي من الخروج عليه في بداية اندلاع ثورات الربيع العربي قبل ثماني سنوات، وتمكّن من القضاء على "نظامه" العشوائي وإعدامه على قارعة الطريق.

السؤال الذي طُرح بإلحاح منذ أيام بصدد مشاركة ليبيا في قمة بيروت هو: المعترضون على مشاركة النظام الليبي الجديد (والذي ما زال مُفكّكاً) من يُطاردون؟ وعلى من يعترضون؟ وما جدوى اعتراضاتهم؟ ولن نتّهمهم اليوم بالتّساهُل مع القذافي في حياته بضغوطاتٍ إقليمية، لكنّنا نسألهم: هل تطاردون أشباحاً زالت واندثرت؟ أم أنّكم تقتصُّون ممن اقتصّ لكم ولسماحة الصدر من الديكتاتور البائد.

ثانياً: ضرب هيبة الدولة...

وهذه للأسف طبعاً، لم تعُد بالخطب الجللّ، ذلك أنّ هيبتها تُداس يوميّاً بشتى الأساليب والانتهاكات لسيادة القانون وحُرمة القضاء، وتعطيل المؤسسات وهدر المال العام، وتفشّي ظاهرة مافيات الفساد في ثنايا الحكم وأهل السياسة، وعليه فلن يضُرّ أبداً إنزالُ علم دولةٍ عضو في جامعة الدول العربية، ورفع علم حركة أمل! لكنّ الاستغراب من قبول رئيس مجلس النواب بقيام عناصر "حركته" بالنزول إلى الشارع لفرض أهوائهم وعنتريّاتهم بتصرُّفات تحكمها الغوغائية واللامسؤلية، وهو قبل كلّ حسابٍ واعتبار، أحد أهم أركان الدولة الواجب عليهم المحافظة على آخر ما تبقّى لها من هيبة وعزّة وكرامة.