لا يزال الوضع اللبناني يرزح تحت ضغوط التطورات الخارجية، والتي على ما يبدو ستكون فاعلة أكثر فأكثر سياسياً واقتصادياً في الفترة المقبلة
 

بدأ مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل زيارة للبنان، يوم السبت، جاءت غداة استثناء وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بيروت من جولته في المنطقة.

وفي المعلومات، أنّ هيل حذّر في حديثه مع جنبلاط السلطة اللبنانية من «استمرارها في التغاضي عن تصرّفات «حزب الله» على الحدود الجنوبيّة، خصوصاً بعد كشف قصّة الانفاق»، وقال: "إنّ عليها تحمّل مسؤولياتها، لأنّ الحزب يخرق القرار الدولي الرقم 1701، ولا يمكنها أن تبقى مكتوفة في حين يستمرّ الحزب في هذا السلوك".

من الناحية الطبية، حين يتأخر المريض في معالجة حالة ما، فإنه ربما يتعرض لما يُسمّى إشتراكات وربما تؤثر سلبًا على صحته.

وهنا يمكننا القول أن حال الدول تشبه جسم الإنسان، وفي نظرة إلى واقعنا اللبناني فإنه بذلك يؤكد هذا القول.

لبنان منذ الانتخابات في ايار الماضي من دون حكومة أصيلة، وكلما تأخر التأليف كلما تضاعفت المصاعب في الواقع المريض، فمنذ ذاك التاريخ إلى اليوم تتلاحق الاشتباكات في الواقع السياسي اللبناني العليل، وعليه أن يواجهها كلها من دون حكومة أصيلة.

إقرأ أيضًا: الظروف الإستثنائية والمسار المُعرقل للحلول

علمًا أن في آذار المقبل هناك القمة العربية التي ستنعقد في تونس، هذه واحدة من الاشتباكات، فكيف سيعالجها لبنان؟ هل يذهب الى القمة بحكومة تصريف أعمال؟ 

وفي منتصف شباط المقبل هناك قمة دولية في بولندا دعت اليها الولايات المتحدة الأميركية، فكيف سيتعاطى معها لبنان في ظل عدم وجود حكومة، خصوصًا أن القمة المرتقبة ستبحث في النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، فكيف سيتعاطى لبنان مع هذه القضية الحساسة جدًا بالنسبة إلى تركيبته الداخلية المعقدة وموازين القوى؟ ماذا لو اشترط فريق داخلي عدم مشاركة لبنان في القمة المرتقبة، كما يشترط اليوم عدم مشاركة ليبيا في القمة الاقتصادية التنموية؟ 

هذه التطورات المتسارعة، لا بد لأي مراقب أن يتابعها بدقة لأن القمم لا تُحضّر ارتجاليًا بل قبل شهور، وما زيارة الديبلوماسي الأميركي لبيروت سوى واحد من هذه الاستعدادات.

فبالتزامن مع وجود وزير الخارجية الاميركي في المنطقة، كانت زيارة لمساعده الى بيروت: إنه ديفيد هيل أحد أقرب المقربين من رئيس الديبلوماسية الأميركية الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع السياسيين اللبنانيين منذ عمل في السفارة الاميركية في عوكر ثم كسفير على مدى ربع قرن.

إقرأ أيضًا: دعوة دمشق غير واردة.. فماذا بعد؟!

الموقف الأميركي يركز على دعم الولايات المتحدة للقوى اللبنانية، من خلال تقديم الدعم لقوى الشرعية على كل المستويات.

لا يزال الوضع اللبناني يرزح تحت ضغوط التطورات الخارجية، والتي على ما يبدو ستكون فاعلة أكثر فأكثر سياسياً واقتصادياً في الفترة المقبلة، وهذا يمكن استشرافه من فحوى ومضمون اللقاءات التي عقدها وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، الذي اعتبر أن على لبنان عدم التساهل مع أنشطة إيران و "حزب الله"، والحفاظ على الاستقرار وتطبيق القرارات الدولية، كما أن هيل ألمح إلى الاستعداد لتطبيق الجانب الأقسى من العقوبات على حزب الله في الفترة المقبلة، وهذا بالتأكيد سيكون له تداعيات على الوضع في لبنان. زيارة هيل ستعطي جرعة دعم للشرعية اللبنانية، ولكن ماذا عن الاستحقاقات والاشتباكات في الجسم اللبناني؟

الاستحقاق الكبير هذا الأسبوع ويتمثل في القمة العربية الاقتصادية، والطرح الحقيقي للأزمة هو اشتراط دعوة سوريا في مقابل تغييب ليبيا، لكن هل بالإمكان التوصل الى هذه القضية السياسية؟ يقول عالمون ببواطن الأمور أن هذا الأمر صعب لأن الأمور وصلت إلى مرحلة لم يعد بالإمكان العودة عنها لذا فإن المشكلة الحقيقية ستكون بعد انعقاد القمة لأن الجميع سيتابع مسار العلاقات بين بعبدا وعين التينة بعد أزمة القمة العربية، لأنها بالتأكيد لن تعود الى ما كانت عليه قبل القمة.