يسجل لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون تمسكه بعقد القمة العربية الاقتصادية في بيروت متجاوزاً كل الضغوط التي تعرض لها من فريق الثامن من آذار لدعوة النظام السوري الى حضور هذه القمة، وبهذا التجاوز يؤكد التزامه التام بقرارات جامعة الدول العربية ومنها القرار المتعلق بتعليق عضوية سوريا بسبب المجازر التي ارتكبها النظام الذي لا يزال قائماً ضد الشعب السوري.

ولا ينكرن أحد أن هذا الالتزام ترك ارتياحاً واسعاً عند معظم الدول العربية الملتزمة بقرار الجامعة وعززت مكانة لبنان عندها بدليل الحضور العالي المستوى للملوك والرؤساء العرب الى العاصمة اللبنانية للمشاركة الى جانب لبنان في هذا المؤتمر والاستعداد لتقديم المساعدات لهذا البلد الذي يعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والتنمية نتيجة سياسة العزل عن العالم العربي التي يمارسها حزب الله والثنائي الشيعي بعد التهديدات العالية السقوف التي استخدمها رئيس حركة أمل نبيه بري ضد دولة ليبيا بذريعة انها النظام الجديد الذي أوجده الانقلاب على نظام القذافي المتهم بـــإخفاء الامام موسى الصدر لم يبد التجاذب المطلوب مع مطالب الثنائي الشيعي بما يمثله في لبنان بشأن قضية اختفاء الامام.

صحيح ان الاسلوب الاستفزازي ضد النظام الليبي الجديد أدى غرضه في اضطرار هذا النظام للرجوع عن قرار مشاركته في القمة الاقتصادية الانمائية التي ستعقد في بيروت لكن الصحيح أيضاً ان الاسلوب الذي اعتمده الثنائي الشيعي لتحقيق هذا الهدف شكل صدمة لباقي الدول العربية التي عبرت عن رغبتها في المشاركة بهذه القمة وتقديم المساعدات المالية وغير المالية للبنان لكي يتجاوز مشاكله الاقتصادية من جهة، وتعبيراً في الوقت نفسه على الاستعداد لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة كعضو ملتزم في جامعة الدول العربية بالرغم من الضغوط التي تمارس عليه من بعض الفرقاء اللبنانيين لعزله عنها، وارتمائه في أحضان جهات عبرت عن أطماعها التوسعية ضد الدول العربية وتمارس هذه السياسة في العديد من هذه الدول ومنها لبنان، والمقصود هنا ايران التي عبر مسؤولوها في أكثر من مناسبة عن غبطتهم بوضع اليد على أربع دولة عربية كالعراق وسوريا واليمن وحتى لبنان.

هذه العاصفة التي اثارها الثنائي الشيعي ضد ليبيا لا بد وانها تركت انطباعاً سيئاً عند الدول العربية التي عبرت عن استعداد حكامها للمشاركة في قمة بيروت والتعبير بالتالي عن رغبتها أيضاً في طي صفحة الماضي بكل سلبياتها وما تركته من استياء عند هؤلاء الحكام بات يخشى بعد القرار الليبي بعدم المشاركة في هذه القمة أن ينعكس من جديد سلباً على عودة الدول العربية ويزداد لبنان عزلة، وهذا ما تنبه اليه الرئيس العماد عون وأصر على عقد هذه القمة متجاوزاً بذلك كل الضغوط التي مورست عليه ليؤكد للدول العربية ان لبنان العربي الهوية والانتماء لن يتخلى عن عروبته ولن يستسلم للقوى التي تريد اخراجه من موقعه وربطه بجهات لم تخفِ مطامعها التوسعية في العالم العربي.