تستمرّ وكالة "بلومبرغ" الأميركيّة بمتابعة الأزمة الماليّة التي يعاني منها لبنان، وباتَ أمرًا لافتًا أنّها بالإضافة الى صحيفة "الفايننشال تايمز" وبعض المواقع العالميّة المتخصصة بالأخبار الإقتصاديّة، تصبّ جل إهتمامها على تخبّط لبنانالمالي، في إشارةٍ إلى مدى جدية وخطورة الوضع، إذ بات لبنان يعتبر من أكثر الاقتصادات المديونة وغير المتوازنة على مستوى العالم.

وأشارت الوكالة الى أنّ الدين العام في لبنان يُقدّر بأكثر من 160% بالنسبة لمجمل الناتج المحلّي، ويُتوقّع أن يصل إلى 180% في العام 2023، ليطيح باليونان التي وصلت إلى هذه النسبة، ويُصبح في المرتبة الثانية بعد اليابان، وتطرّقت الوكالة الى الإصلاحات المطلوبة من لبنان، وأبرزها خفض العجز العام بنسبة 1% سنويًا ولمدة 5 أعوام، كجزء من الإصلاحات اللازمة للحصول على الهبات والقروض التي مُنحت للبنان خلال مؤتمر "سيدر" والتي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار.
 

وكان صندوق النقد الدولي قد قال إنّ مسار الدَّين اللبناني لا يمكن تحمله، ويحتاج إلى إجراء فوري، وإلا فإن نسبة الدَّين قد تصل إلى 180% بحلول 2023.

ونشرت "بلومبرغ" اليوم تقريرًا تحدّثت فيه عن الإجتماع المالي الذي عُقد في قصر بعبدا أمس، وأشارت الى أنّ وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل خرج من اجتماع بعبدا قائلاً إنّ موضوع إعادة هيكلة الدين العام غير مطروح ولبنان ملتزم بالمحافظة على حقوق المودعين والمصارف وحاملي مختلف سندات الدين السيادية. وأوضحت "بلومبرغ" أنّ سعر حماية الديون السياديّة ضد التخلف عن سدادها ارتفع بنسبة 16 في المئة خلال شهر كانون الأول الماضي، الأمر الذي جعل لبنان من البلدان الأسوأ أداء في العالم.

ورأت الوكالة أنّ إجتماع الأمس الذي ضمّ رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة والمسؤولين سعى إلى طمأنة مستثمري السندات الذي كانوا يخشون من مخاطر إعادة هيكلة الديون، بعد فشل الجهود الأولية لتهدئة الأسواق.

ويأتي هذا الإجتماع بعدما حذّرت مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية من أنّ لبنان قد يضطر إلى إعادة هيكلة ديونه السياديّة.

كما تحدّثت الوكالة عن الهندسة الماليّة التي اتبعها مصرف لبنان المركزي، ولفتت الى أنّه تدخّل لتخفيف عبء الديون على لبنان.

وبحسب الوكالة، فقد بدأت السندات اللبنانية المقومة بالدولار في الهبوط وارتفعت مخاطر الائتمان في لبنان الأسبوع الماضي، بعدما قال وزير المال إن  خطة الإصلاح المالية العامة التي يجري إعدادها تتضمن إعادة جدولة للديون. وهنا علّقت "بلومبرغ" بالقول إنّ التراجع في السندات اللبنانية أثبت كيف أنّ مجرد الحديث عن مشكلة الديون في لبنان هو تحدٍ، وذلك قبل التطرّق الى كيفية إصلاحها.

أمّا بالنسبة للمستثمرين، فلم ينتظروا السياسيين لتحليل دلالات الأزمة، إذ انخفض سعر السندات التي تستحق في 2028 إلى ما دون 72 سنتًا لكلّ دولار يوم الجمعة.

وفي هذا السياق، علّق راي جيان، وهو رئيس ديون الأسواق الناشئة في شركة "أموندي" لإدارة الأصول، إن الأسبوع الماضي "أظهر أن هناك نقصًا واضحًا في التنسيق داخل الحكومة، بالإضافة إلى عدم وجود إستراتيجية موحدة حول كيفية التعامل مع مشكلة التمويل". وأضاف أنّ الثقة هي من أبرز  شروط السيولة، منتقدًا عدم التنسيق في هذا المجال. 

من جانبه، قال المصرفي ستيفان مونييه إنّ المسؤولين اللبنانيين فشلوا بعد أشهر من الإنتخابات النيابية من تشكيل حكومة تعزّز الوضع الإقتصادي والمالي، ولفت الى أنّ لبنان أصبح في المركز الثالث من حيث المديونيّة العامة عالميًا، وأشار أيضًا الى أنّ الطبيعة السكانية للبنان تشكّل تحديًا، لا سيما بعدما أصبح خمس عدد السكان أي واحد من كل 5 سكان فيه من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. وتابع أنّ وكالتَي موديز وفيتش أرجعتا تصنيف لبنان وأصبحت نظرتهما "سلبيّة"، وذلك بناءً على الديون السياديّة.

 

 

(ترجمة: سارة عبدالله، لبنان 24)