يبدو أن خبرة إيران في تدوير العقوبات الأمريكية أكثر بكثير من أوروبا التي أخفقت في فتح قناة مالية لإستمرار التبادل التجاري مع إيران
 

تبين لدول الاتحاد الأوروبي خلال تسعة أشهر الماضية أن الصمود أمام إرادة الولايات المتحدة بات أمرا مستحيلا وأنه أشبه بالحلم منه بالواقع. ذلك لأن أوروبا لا تملك أنظمة مستقلة من الولايات المتحدة اقتصاديا ولا تجاريا ولا ماليا. فجميع الطرق للمبادلات العالمية تؤدي إلى واشنطن وإلى هذا تشير المقولة الشهيرة : " اذا تعطس أمريكا يصاب العالم بالزكام. "

حتى إيران لم تختار التعرض للعقوبات الأمريكية والعقوبات فرضت عليها منذ أربعين عاما رويدا رويدا وعندما اشتدت تلك العقوبات تركت تأثيرها ودفعت إيران إلى الجلوس على طاولة التفاوض مع أمريكا. 

ويبدو أن خبرة إيران في تدوير العقوبات الأمريكية أكثر بكثير من أوروبا التي أخفقت في فتح قناة مالية لإستمرار التبادل التجاري مع إيران ويعود السبب في هذا الإخفاق إلى تهديد الولايات المتحدة بفرض العقوبات على أوروبا بحال اقدامها على خرق العقوبات الأمريكية على إيران. 

اقرا ايضا: مسرحية الإتحاد الأوروبي تحت قناع حقوق الإنسان

 

وبينما تلقي إيران اللوم على أوروبا على فشلها في تنفيذ وعودها، تحاول أوروبا ان تنقذ نفسها من مواجهة الولايات المتحدة. 

ويبدو ان هناك جملة من القضايا توفر لأوروبا فرصا للتملص من تعهداتها في الاتفاق النووي. منها ملف برنامج إيران الصاروخي الباليستي ومنها توسع إيران الإقليمي. هاتان القضيتان تزيلان المسافة بين أوروبا وأمريكا حيث أن كلا منهما تعارض إيران في مشروعيها الباليستي والاقليمي. وما زاد الطين بلة هو أن الرئيس الإيراني أعلن قبل يومين أن بلاده تعتزم إطلاق مركبات فضائية وإجراء اختبارات صاروخية مؤكداً على ان إطلاق مركبتين فضائيتين سيتم بعد اسبوعين. 

وجاء الرد الفرنسي سريعاً حيث دعا وزير الخارجية الفرنسي لودريان، إيران إلى التراجع الفوري عن إطلاق الصواريخ الباليستية إلى الفضاء واعتبر لودريان ان هذا العمل يمثل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن بهذا الخصوص. تأتي مطالبة لودريان استجابة وتصديقاً لقناعة الولايات المتحدة التي تعتبر أن اختبارات إيران الباليستية تمثل خرقاً لقرار 2231 الأممي وأن إيران تتجه إلى  إطلاق المركبات الفضائية بغية الهروب من احتجاج المجتمع الدولي. 

هذا وقد كان  مجلس الأمن قد أقر مؤخراً بأن اختبارات إيران الصاروخية لا تمثل انتهاكا للقرار الأممي رقم 2231. 

يبدو أن ذرائع الأوروبيين للتملص من تعهداتهم لن يقف عند حد، بينما تؤكد إيران على ان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي أدى إلى صفر المزايا التي كانت تترتب على ذاك الاتفاق مما يعني أن بقاء جميع ما عدا  الولايات المتحدة في الإتفاق النووي بمن فيهم أوروبا والصين وروسيا لم يتمكن من انقاذه وربما لن يتمكن.