السادس من شباط محفور في الذاكرة اللّبنانيّة للحرب التي وإن توقفت لكنّها محفورة بالنفوس!
 
بعد مرور 36 عامًا على إنتفاضة السادس من شباط من العام 1984، التي شكّلت نقطة تحوّل في تاريخ لبنان الحديث حيثُ نقلته من حالة سياسيّة وإجتماعيّة إلى حالة أخرى، لاسيّما بعد إسقاط إتفاق 17 أيّار الذي أبرمته الحكومة اللّبنانيّة مع العدو الصهيوني، بعد الإجتياح الإسرائيليّ وإحتلاله بيروت ثاني عاصمة عربيّة بعد القدس، أمّا اليوم فتعود هذه الإنتفاضة إلى الواجهة من جديد بعد حديث رئيس المجلس النيابي الأستاذ نبيه برّي عن القيام من جديد بـِ إنتفاضة 6 شباط سياسيّة وغير سياسيّة.
 
وفي التفاصيل، أوضح رئيس مجلس النواب برّي على خلفيّة رفض مشاركة الوفد اللّيبيّ الرسميّ في القمّة التنمويّة الإقتصاديّة العربيّة في بيروت، أنّ الشعب اللّيبي "ليس المستهدف، فالمواطنون اللّيبيّون موجودون بكثرة في البلد ولم يتعرّض أحد منهم للأذى"، مُشيراً إلى أنّ "موقفنا نابع من كون قضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه مبدئيّة. الإمام لم يقم بزيارة ليبيا بهدف السياسة، بل كان موجوداً هناك من أجل حماية لبنان".
 
 
وقال برّي، أمام زواره، إنّ "النظام اللّيبيّ الحالي لا يتعاون للكشف عن مصير الإمام الصدر"، مستغرباً "موقف بعض القوى السياسيّة من هذا الملف". 
 
وتضمن كلام برّي تصعيداً، مع تأكيده أنّ "الموضوع مش مزحة. ما حدا يمزح معنا، وإذا كان البعض قد أشار الى أننا سنقوم بـ 6 شباط سياسيّ، فنحن نقول إننّا سنقوم بـ 6 شباط سياسيّ وغير سياسيّ".
 
وتُشيرُ المعلومات إلى  أنّ الأمور مُتجهة إلى مزيد من التصعيد من قبل حركة أمل، من خلال الضغط لمنع حصول الوفد اللّيبيّ على تأشيرات الدخول، وإذا حاولت وزارة الخارجيّة منح اللّيبيّين تأشيرات دخول، عبر السفير اللّبنانيّ لدى ليبيا أوّ البعثة في القاهرة فمن المتوقع أن يتمّ توقيفهم في المطار وإعادتهم إلى بلادهم. مع إستبعاد المصادر أن يُقدّم السفير اللّبنانيّ في طرابلس الغرب، محمد سكينة، على هذه الخطوة، كونه مُقرّباً سياسيّاً من حركة أمل.
 
والخطوة الثانية في حال لم يتّخذ الأمن العام موقفاً من الوفد اللّيبي، وشارك الأخير في القمّة، فيجري التحضير لتحرّكات في الشارع تكون مشابهة لتحرّكات 6 شباط 1984.
 
في العودة إلى 6 شباط 1984، ونتيجة إتفاق 17 أيّار تشكّلت معارضة رافضة لهذا الإتفاق تحت إسم "جبهة الخلاص الوطني" التي ضمّت كلّ من الرئيس الراحل سليمان فرنجيّة والرئيس الراحل رشيد كرامي ورئيس حركة أمل الرئيس الحالي نبيه بري ورئيس الحزب التقدّمي الإشتراكيّ النائب وليد جنبلاط، بغية إسقاط ما أسمته "إتفاق العار"، حيث إنطلقت حملة التمرّد ضدّ العهد من بيروت الغربيّة والضاحيّة الجنوبيّة والجبل، وكانت الإنتفاضة الشعبيّة، ومحورها بري وجنبلاط، لاسيّما بعدما اندلعت في تلك السنة حرب الجبل على أثر الإنسحاب الإسرائيليّ من بعض المناطق، وإنتهت بسيطرة الحزب التقدمي على كلّ القرى الجبليّة، لتتبعها يوم 6 شباط 1984 السيطرة على بيروت الغربيّة والضاحية والمناطق الخاضعة لسيطرة السوريّين في الشمال والبقاع والجنوب، وكانت الشرارة في المواجهة بين شباب حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وباقي الأحزاب، وبين وحدات الجيش في مناطق إنتشارهما المشترك، إلى أن  بسطت السيطرة على مبنيي وزارة الإعلام في الصنائع حيث الإذاعة الرسميّة وتلفزيون لبنان في تلة الخياط، وأذيع بيان الإنتفاضة الشهير الموقَّع باسم الرئيس بري، حيث طلب أفراد الجيش للتمرّد على القيادة، ما دفع قيادة اللّواء السادس المنتشر في الضاحية وبيروت، برئاسة العميد لطفي جابر، إلى تأيّيد هذا النداء والعمل على سحب الجنود إلى الثكنات، وعدم الإنجرار الى القتال الداخلي ورفض الأوامر الصادرة عن القيادة العسكريّة في وزارة الدفاع في اليرزة.
 
وهنا تُطرح علامة إستفهام هل التاريخ سيُعيدُ نفسه، لاسيّما وأنّ الشخصيّات والتواريخ مُتشابهة هي نفسها تتكرّر لكنّ السادس من شباط محفور في الذاكرة اللّبنانيّة للحرب التي وإن توقفت لكنّها محفورة بالنفوس!