لم يعد استعمال البوتوكس يقتصر على التخلّص من التجاعيد وعلاج علامات التقدّم في السنّ، بل أقحم نفسه في كثير من العلاجات الطبية كفقدان الوزن مثلاً. ولم يتوقف عند هذا الحدّ، بل أصبح يُستعمل ايضاً لعلاج حالات طبّية عدّة تتعلق بالاضطرابات العصبية والنفسية.
سلسلة من الفوائد توفّرها حقن البوتوكس في معالجة عدد من الامراض، وقد أثبت فعاليتها عدد من الدراسات المتنوّعة التي أُجريت في هذا الاطار. وعلى الاثر أظهرت دراسة فرنسية حديثة، أنّ حقن «البوتوكس» التي تستخدم على نطاق واسع في عمليات التجميل، تعَدّ علاجاً آمناً وفعالاً لتقليل نوبات الصداع النصفي. ووجد الباحثون أنّ هذه الحقن قلّلت، بشكل ملحوظ، تكرار نوبات الصداع النصفي المزمن، في غضون ثلاثة أشهر.
 
الدراسة أجراها باحثون في مستشفى جامعة رانغيل في فرنسا. وفي عام 2010، وافقت هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على استخدام البوتوكس لعلاج نوبات الصداع النصفي المزمنة، ومنذ ذلك الحين أبلغ عدد متزايد من المرضى عن نجاح العلاج في الحدّ من الصداع النصفي. وللوصول إلى الدراسة الجديدة، حلّل الفريق بيانات 17 دراسة سابقة، وشملت 3650 مريضاً بالصداع النصفي، بينهم 1550 يعانون من الصداع النصفي المزمن، وهو إصابتهم بـ15 نوبة صداع على الأقل شهرياً، لمدة 3 أشهر. وكان التحسّنُ واضحاً في غضون شهرين من بدء العلاج، وللحفاظ على فاعلية العلاج، يتم تكرار حقن البوتوكس كل ثلاثة أشهر.
 
علاج للحالات العصبية
وفي الصدد نفسه، أصدرت الأكاديمية الأميركية لطب الاعصاب إرشادات جديدة تشيد بفوائد البوتوكس أيضاً. وخلصت هذه الارشادات التي نشرتها مجلة طب الأعصاب الى اعتبار البوتوكس علاجاً آمناً وفعالاً للحالات العصبية الآتية:
 
- شلل العضلات التشنجي (او شد العضلات المزمن): هو انقباض وشدّ العضلات بشكل مزمن وحاد بحيث يؤثر في الحركة. وغالباً ما يحدث بعد الإصابة بالجلطة، اصابات الحبل الشوكي او اصابات عصبية اخرى.
 
- اضطراب الرقبة التوتري: هو اضطراب دماغي يؤثر في التحكم بعضلات الرقبة ويسبب ميلان الرأس وحركته بشكل غير ارادي.
 
- تشنّج عضلات العين: هو اضطراب عصبي- حركي يسبّب غلق العين لا إرادياً وبشكل مزمن.
 
وعلق د. ديفيد سيمبسون من جامعة كاهن الطبية في مونت سيناي في نيويورك قائلاً «لم تحتوِ آخر الارشادات التي صدرت في عام 2008، على معلومات كافية او اقتراحات لكيفية استخدام البوتوكس لعلاج الصداع النصفي. لكنّ الارشادات الحديثة التي استندت على الدراسات التي اثبتت فائدة البوتوكس أكدت فائدتها لعلاج عدة امراض عصبية، خصوصاً الصداع النصفي المزمن، رغم أنّ فائدتها لا تزال قليلة.
 
ومن المتوقع أن تؤدّي الى انخفاض نوبات الصداع بمعدل 50 في المئة، على سبيل المثال، مَن كان يصاب بنوبات الصداع 20 مرة في الشهر يتوقع بعد حقن البوتوكس أن تقلّ لديه الى 10 نوبات او أقل، وفي حالات قليلة جداً قد تختفي لأشهر عدّة».
 
الاكتئاب
في المقابل، اظهرت دراسة اجراها باحثون في جامعة تكساس في أوستن، فوائد حقن البوتوكس في علاج الاكتئاب، وذلك من خلال دراسة عشوائية شملت 30 شخصاً على مدى 24 أسبوعاً يعانون من الاكتئاب الحاد والذين لا يتعاطون أكثر من ثلاثة أنواع من الأدوية المضادة للاكتئاب ولا يتعرّضون للعمليات التجميلية باستمرار.
 
وفي التجربة تمّ حقن بعضهم بإبر البوتوكس والبعض الآخر بمادة مشابهة له لكنها لا تُحدث أيّ تأثير على الجسم، ثم تمّ تغيير المجموعات بعد 12 أسبوعاً ليتمّ حقن المجموعة التي تمّ حقنُها مسبقاً بالبوتكس بالمادة الشبيهة، وحقن المجموعة التي حُقنت بالمادة الشبيهة بالبوتكس. وبيّنت الدراسة أنّ المجموعات التي تلقّت حقن البوتوكس شهدت تحسّناً نفسيّاً في الأسبوع السادس بنسبة تصل إلى 55 في المئة، وأنّ نسبة التحسّن استمرّت في الارتفاع مع مرور الـ24 أسبوعاً.
 
ولم يتوصل العلماء إلى أيِّ أسباب علمية لتفسير هذا التحسّن الذي طرأ على مَن أُجريت عليهم التجربة، إلّا أنهم وضعوا توقعات بأنّ ردود أفعال الآخرين الإيجابية بالنسبة لمفعول البوتوكس التجميلي في إزالة العقد الموجود بين الحاجبين وجعل الوجه أكثرَ تبسّماً قد تكون هي السبب. وأضافوا أنّ اختفاء عقدة الحاجبين من الوجه بسبب حقنة البوتوكس من الممكن أن يكون له تأثير في إعطاء إشارات للدماغ للتقليل من نشاط اللوزة الدماغية المسؤولة عن الاكتئاب.
 
المثانة والسرطان
وكانت إدارة الدواء والغذاء الأميركية قد أعلنت أنّ حقن البوتوكس في المثانة يساعد على علاج فرط النشاط فيها الذي يؤدي إلى كثرة حاجة الشخص إلى الدخول إلى الحمام وزيادة قدرتها على احتواءِ كَمّ أكبر من السوائل. وكان قد اشير ايضاً الى قدرة البوتوكس في التقليل من نموّ الخلايا السرطانية في المعدة عن طريق منع الإشارات العصبية التي تحفّز الخلايا الجذعية السرطانية، الأمر الذي يزيد من استجابة الخلايا السرطانية للأدوية أيضاً.